للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا عظمت المحنة كان الصبر للمؤمن الصالح ((سبباً لعلو الدرجة، وعظيم الأجر، كما سئل النبي (أي الناس أشد بلاء؟ قال: (الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه؛ فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه، وإن كان في دينه رقة خفف عنه، وما يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة) (١) ، وحينئذ يحتاج من الصبر إلى ما لا يحتاج إليه غيره، وذلك هو سبب الإمامة في الدين كما قال تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ((٢) ، فلابد من الصبر على فعل الحسن المأمور، وترك السيئ المحظور، ويدخل في ذلك الصبر على الأذى، وعلى ما يُقال، والصبر على ما يصيبه من المكاره، والصبر عن البطر عند النعم، وغير ذلك من أنواع الصبر، ولا يمكن العبد أن يصبر إن لم يكن له ما يطمئن له، ويتنعم به، وهو اليقين،..؛ فالحاجة إلى السماحة والصبر عامة لجميع بني آدم، لا تقوم مصلحة دينهم ولا دنياهم إلا بهما)) (٣) . فالذي يستقيم على شرع الله ويحفظ حدوده، ويصبر على العبادة، وعلى ما يصيبه من الابتلاءات، ويرضى بقضاء الله وقدره، يتولاه الله، ويوصل إليه مصالحه، وييسر له منافعه الدينية والدنيوية، وينصره على عدوه، ويدفع عنه كيد الفجار وتكالب الأشرار، قال تعالى: (فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ مَوْلاَكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ((٤) ، ومن كان الله مولاه وناصره فلا خوف عليه، ومن كان الله عليه فلا عزّ له، ولا قائمة تقوم له


(١) رواه الترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في الصبر على البلاء، ح ٢٣٩٨، وقال الترمذي: " هذا حديث حسن صحيح"، ورواه ابن ماجة، كتاب الفتن، باب الصبر على البلاء، ح ٣٢٤٩، وانظر صحيح سنن ابن ماجة ٢/٣٧١، ح ٤٠٢٣.
(٢) سورة السجدة، الآية ٢٤.
(٣) انظر: الاستقامة ٢/٢٦٠ - ٢٦٣.
(٤) سورة الأنفال، الآية ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>