للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن حجر: ((والمعنى إذا وقع الثبات أول شيء يهجم على القلب من مقتضيات الجزع فذلك هو الصبر الكامل، الذي يترتب عليه الأجر)) (١) ، ثم نقل قول الخطابي (ت٣٨٨هـ) : ((المعنى أن الصبر الذي يحمد عليه صاحبه ما كان عند مفاجأة المصيبة، بخلاف ما بعد ذلك فإنه على الأيام يسلو)) (٢) .

فالصبر واجب في كل الأحوال، فيجب الصبر على العبادة وإقامة شرع الله تعالى، ويجب الصبر وحبس النفس عن المحرمات والمنهيات، ويجب الصبر عند وقوع المصائب والابتلاءات، وفي ميادين القتال ومنازلة الكفار.

أما بالنسبة إلى الرضا بالقضاء، فيختلف حكمه باختلاف الأمور السابقة؛ فإن الرضا بالواجبات الشرعية واجب من حيث إنه قدر الله وقضاؤه، ومن حيث المقضي إذ الرضا بالواجبات الشرعية والعمل بهما واجب، أما بالنسبة للمعاصي والمحرمات فمن حيث القضاء الذي هو فعل الله فيجب الرضا وأن الله تعالى حكيم ولولا حكمته اقتضت وجودها ما وقعت، وأما من حيث المقضي وهو معصية الله والوقوع في المحرمات فيجب عدم الرضا بها والسعي لإزالتها، أما المصائب والابتلاءات فيجب الرضا بها من حيث إنها قضاء الله وفعله، أما الرضا من حيث وقوعها على العبد فإنه مستحب عند جمهور أهل العلم (٣) .

وأما الفرق بين الصبر والرضا؛ فإن الصبر كف النفس وحبسها عن التسخط مع وجود الألم، والرضا يوجب انشراح الصدر وسعته، وإن وجد الإحساس بأصل الألم، لكن الرضا يخفف الإحساس بالألم (٤) .


(١) فتح الباري شرح صحيح البخاري ٣/١٤٩، ١٥٠.
(٢) انظر المصدر السابق ص ١٥٠.
(٣) انظر فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين ١/ ٦١.
(٤) انظر المصدر السابق، ونور الاقتباس ص٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>