للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول ابن حبان (١) – رحمه الله تعالى -: "الواجب على العاقل أن يتحبب إلى الناس بلزوم حسن الخلق، وترك سوء الخلق، لأن الخلق الحسن يذيب الخطايا كما تذيب الشمس الجليد، وإن الخلق السيء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل، وقد تكون في الرجل أخلاق كثيرة صالحة كلها، وخلق سيئ، فيفسد الخلق السيئ الأخلاق الصالحة كلها" (٢) .

وليس المقصود من هذا البحث هو استقصاء الأخلاق الحسنة والفضائل الطيبة التي حث الإسلام عليها ورغب فيها، وكلام أهل العلم في الحث عليها، وإنما المقصود بيان ارتباط الأخلاق بالإيمان، وأن للإيمان أثراً في توجيه الأخلاق وتزكية النفوس وتهذيبها، وكلما كان المؤمن أكمل أخلاقاً كان أكثر إيماناً، ومن أوضح الأدلة على فضل الأخلاق وعلو منزلتها ومكانتها من الإيمان ما جاء في حديث أنس بن مالك (قال: كنا جلوساً مع رسول الله (، فقال: ((يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة)) فطلع رجل من الأنصار، تنطف لحيته من وضوئه، قد تعلق نعليه في يده الشمال، فلما كان من الغد، قال النبي (مثل ذلك، فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث، قال النبي (مثل مقالته أيضاً، فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى، فلما قام النبي (، تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال: إني لاحيت أبي، فأقسمتُ أن لا أدخل عليه ثلاثاً، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضيَ، فعلتُ. قال: نعم.


(١) ... هو محمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم البستي، كان من أوعية العلم في اللغة والفقه والحديث والوعظ، من مصنفاته: روضة العقلاء ونزهة الفضلاء، توفي سنة ٣٥٤هـ. تذكرة الحفاظ (٣/٩٢٠) ، شذرات الذهب (٣/١٦) .
(٢) ... روضة العقلاء ونزهة الفضلاء ص (٦٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>