للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القرطبي: "الأخلاق أوصاف الإنسان التي يعامل بها غيره، وهي محمودة ومذمومة، فالمحمود على الإجمال أن تكون مع غيرك على نفسك فتنصف منها، ولا تنصف لها، وعلى التفصيل: العفو والحلم والجود، والصبر، وتحمل الأذى، والرحمة، والشفقة، وقضاء الحوائج، والتوادد، ولين الجانب، ونحو ذلك، والمذموم منها ضد ذلك ") (١) (.

ومن أجمع التعاريف وأحسنها التي جمعت بين عناصر الخلق كلها تعريف العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى حيث قال: (هيئة مركبة من علوم صادقة، وإرادات زاكية، وأعمال ظاهرة وباطنة، موافقة للعدل والحكمة والمصلحة، وأقوال مطابقة للحق، تصدر تلك الأقوال والأعمال عن تلك العلوم والإرادات فتكتسب النفس بها أخلاقاً هي أزكى الأخلاق وأشرفها وأفضلها)) (٢) (.

المبحث الثالث: منزلة الأخلاق في الإسلام

علم الأخلاق من أشرف العلوم وأعلاها قدراً، وقيمة الإنسان تقاس بأعماله وأخلاقه، ولذا فإن للأخلاق في الإسلام منزلة عظيمة تعلم من مبلغ العناية التي عنيت بها في الكتاب والسنة، جاء في حديث أبي هريرة (أن النبي (قال: ((إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)) (٣) .

وقد كانت عناية القرآن الكريم منذ بداية نزوله على نبينا محمد (بأمرين:

الأول: تقرير الإيمان بالله تعالى وحده لا شريك له، وغرس عقيدة التوحيد الصافية في النفوس، والتحذير من الشرك والبعد عنه، قال تعالى: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله ءواجتنبوا الطاغوت (] الأعراف ٣٦ [.


(١) ... فتح الباري (١٠/٤٥٦) .
(٢) التبيان في أقسام القرآن لابن القيم ص (١٩٦) .
(٣) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والآداب (٤/١٩٨٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>