للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله تعالى -: "الحض على مكارم الأخلاق، ومحاسن العادات كثير جداً في كتاب الله تعالى وسنة نبيه (، ولذلك لما سئلت عائشة - رضي الله تعالى عنها - عن خلقه (قالت: "كان خلقه القرآن " (١) . لأن القرآن يشتمل على جميع مكارم الأخلاق لأن الله تعالى يقول في نبيه (: (وإنك لعلى خلق عظيم (] القلم ٤ [. فدل مجموع الآية وحديث عائشة رضي الله تعالى عنها على أن المتصف بما في القرآن من مكارم الأخلاق أنه يكون على خلق عظيم، وذلك لعظم ما في القرآن من مكارم الأخلاق" (٢) .

المبحث الرابع: الارتباط بين الأخلاق والإيمان

الدين الإسلامي دين عظيم يشمل كل جوانب الحياة ولا يهمل شيئاً منها، فهو يربط بين العقيدة، وبين الأخلاق التي ارتضاها للمسلمين، قال تعالى: (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم (] الإسراء ٩ [فمن تأمل كتاب الله عز وجل وسنة رسوله (، تبين له إن مقتضى الإيمان بالله تعالى أن يكون المؤمن ذا خلق محمود، وإن الأخلاق السيئة دليل على ضعف الإيمان، وبذلك يمكننا أن نعرف مدى قوة إيمان الشخص بمقدار ما يتحلى به من مكارم الأخلاق. ومدى ضعف إيمانه بمقدار ما يتصف به من ذميم الأخلاق، حيث يتبين لنا الصلة القوية بين الأخلاق والعقيدة على نحو يجعل انفصال العقيدة عن الأخلاق واستقلالها أمراً مستحيلاً، لأن الذي يحمل على التحلي بفضائل الأخلاق والتخلي عن رذائلها إنما هو الإيمان بمشرعها وهو الله سبحانه وتعالى، وبما جاء به رسولنا (، والإيمان بما يترتب عليها من ثواب عند الامتثال، وعقاب عند الترك، والإيمان بوجوب تزكية النفس وتطهيرها من دنس المعاصي.


(١) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه: كتاب صلاة المسافرين وقصرها (١/٥١٣) .
(٢) أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (٣/٤١١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>