ولقد أدرك أعداء المسلمين قيمة الأخلاق الإسلامية في تكوين الأمة المترابطة القوية المتينة، فعملوا على إفساد الأخلاق للمسلمين بكل ما أوتوا من مكر ودهاء وبكل ما أوتوا من وسائل مادية ومعنوية، ليبعثروا قوتهم المتماسكة، وليفتتوا وحدتهم الصلبة التي كانت مثل الجبل الراسخ الصلب قوة، ويزيلوا جمالها وبهجتها التي هي مثل الجنة الوارفة الظلال المثمرة خضرة وبهاءً وثمراً.
إن أعداء المسلمين قد أدركوا وعرفوا أن الأخلاق الإسلامية في أفراد المسلمين تمثل معاقد القوة، فجندوا جنودهم لغزو هذه المعاقل وكسرها بجيوش الفساد والفتنة، وكان غزوهم من عدة جهات، ولقد عرفوا أن النبع الأساسي الذي يزود الإنسان بالأخلاق الإسلامية العظيمة إنما هو الإيمان بالله سبحانه وتعالى، والالتزام بشرعه، فصمموا على أن يكسروا مجاري هذا النبع العظيم ويسدوا عيونه، ويقطعوا شرايينه، وعرفوا أن ذلك يتم بدراسة حياتهم وإفساد المفاهيم والأفكار فوجهوا جهودهم لغمس أبناء المسلمين بالانحلال الخلقي بغية إصابتهم بالرذائل الخلقية عن طريق العدوى وسراية الفساد واستمراء الشهوات المرتبطة برذائل الأخلاق، وقد حققوا بعض ما يريدون ولكن جنود الله من الدعاة والمصلحين لهم جهد كبير في الدعوة إلى دين الله ونشر الفضيلة ودحض الرذيلة وصد كيد الأعداء مستعينين بالله عز وجل الذي كتب النصر لأوليائه كما قال تعالى: (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز (] المجادلة ٢١ [.
وإذا عرف المسلمون الغاية من الأخلاق الإسلامية وأهميتها في حياتهم وتمسكوا بها استطاعوا أن يردوا كيد الأعداء في وجوههم ويحفظوا مجتمعاتهم من الرذيلة، والله الموفق.
المبحث السادس: بعض الأخلاق الإسلامية وأثر الإيمان عليها