للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو من الأخلاق الإسلامية الحميدة التي يكتسبها المؤمن من إيمانه بالله عز وجل، ولذا وصف الله تعالى عباده الصالحين بالتواضع وخصهم بذلك دون غيرهم فتأثير الإيمان في هؤلاء جعلهم يتميزون عن غيرهم، قال تعالى: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً (] الفرقان ٦٣ [.

قال ابن كثير: هذه صفات عباد الرحمن المؤمنين الذين يمشون في الأرض بسكينة ووقار وتواضع دون استكبار وجبرية، وإذا خاطبهم الجاهلون بكلام سيئ سفيه لا يردونهم بمثله بل يعفون ويصفحون ولا يقولون إلا خيراً (١) .

ولذا ينبغي على المؤمن أن لا يفتخر على الآخرين ولا يتكبر عليهم، لأن المتكبر يرى نفسه في مكان لم يصل إليه غيره ويظن أنه أفضل وأحسن من الناس، قال تعالى: (واخفض جناحك للمؤمنين (] الحجر ٨٨ [.

والتواضع يزيد المؤمن عزة وكرامة كما جاء في حديث المصطفى (: ((ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله)) (٢) .

والكبر لا يأتي إلا من جهل الإنسان بربه الذي خلقه وبنفسه التي بين جنبيه والمتكبر يضع نفسه في مكانة ليست له، فهو ينازع المولى تبارك وتعالى في صفة من صفاته، جاء في الحديث القدسي أن الله سبحانه وتعالى يقول: ((الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، من نازعني واحداً منهما قذفته في النار)) (٣) . فالكبر عاقبته الذل والهوان والخسران، والمتكبر عقابه العذاب الأليم، قال تعالى: (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آيةٍ لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلاً (] الأعراف ١٤٦ [.


(١) تفسير ابن كثير (٣/٣١٤) .
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب البر والصلة (٤/٢٠٠١) .
(٣) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٢/٤١٤) ، وأبو داود في سننه (٤/٣٥٠) وصححه الألباني انظر السلسلة الصحيحة (٢/٧٩) حديث رقم ٥٤١

<<  <  ج: ص:  >  >>