للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رحمه اللَّه: " القلب مَلِكُ الأعضاء، وبقية الأعضاء جنوده، وهم مع هذا جنودٌ طائعون له، منبعثون في طاعته، وتنفيذ أوامره، لا يخالفونه في شيء من ذلك، فإن كان الملك صالحاً كانت هذه الجنود صالحةً، وإن كان فاسداً كانت جنوده بهذه المثابة فاسدةً، ولا ينفع عند اللَّه إلا القلب السليم، كما قال تعالى: (يَوْمَ لاَ يَنْفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُون. إلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ((١) " (٢) .

والقلب محل الإيمان كما قال تعالى: (يَا أيُّها الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آَمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهم ((٣) ، وقوله تعالى: (أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمَان ((٤) .

فدلت هذه الآيات على أن أصل الإيمان في القلب، وأن الإيمان لا يثبت لأحد حتى يدخل القلب ويقوم به..

والأدلة أيضاً كثيرة من السنة على أن أصل الإيمان في القلب منها: قوله (: " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب" (٥) .


(١) ... سورة الشعراء، الآية: ٨٨-٨٩.
(٢) جامع العلوم والحكم (١/٢١٠) .
(٣) سورة المائدة، الآية: ٤١.
(٤) ... سورة المجادلة، الآية: ٢٢.
(٥) متفق عليه، فقد رواه البخاري في صحيحه (١/١٩) كتاب الإيمان، باب ٣٩ فضل من استبرأ لدينه، ومسلم في صحيحه (٣/١٢١٩-١٢٢٠) كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات (ح١٥٩٩) عن النعمان بن بشير رضي اللَّه عنه وهذا جزء منه، وقوله "مضغة " يعني القلب؛ لأنه قطعة لحم من الجسد والمضغة: القطعة من اللحم، قدر ما يمضغ. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير (٤/٣٣٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>