للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن القيم رحمه اللَّه: (فشبه عرض الفتن على القلوب شيئاً فشيئاً كعرض عيدان الحصير، وهي طاقاتها شيئاً فشيئاً، وقسم القلوب عند عرضها عليها إلى قسمين: قلب إذا عرضت عليه فتنة أُشربها، كما يشرب السفنج الماء فتنكت فيه نكتة سوداء، فلا يزال يشرب كل فتنة تعرض عليه حتى يسودّ وينتكس، وهو معنى قوله " كالكوز مجخياً " أي مكبوباً منكوساً، فإذا اسود وانتكس عرض له من هاتين الآفتين مرضان خطران متراميان به إلى الهلاك: أحدهما: اشتباه المعروف عليه بالمنكر، فلا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، وربما استحكم عليه هذا المرض حتى يعتقد المعروف منكراً والمنكر معروفاً، والسنة بدعة والبدعة سنة، والحق باطلاً والباطل حقاً، الثاني: تحكيمه هواه على ما جاء به الرسول صلى اللَّه تعالى عليه وآله وسلم، وانقياده للهوى واتباعه له.

وقلب أبيض قد أشرق فيه نور الإيمان، وأزهر فيه مصباحه، فإذا عرضت عليه الفتنة أنكرها وردها، فازداد نوره وإشراقه وقوته) (١) .

الفصل الأول: بيان أقسام القلوب والأدلة على ذلك من القرآن الكريم والسنة

ويشتمل على ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: القلب الصحيح.

المبحث الثاني: القلب المريض.

المبحث الثالث: القلب القاسي.

المبحث الأول: القلب الصحيح

القلب الصحيح: هو القلب السليم الذي لا ينجو يوم القيامة إلا من أتى اللَّه به كما قال تعالى: (يَوْمَ لاَ يَنْفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُون. إلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ((٢) .


(١) إغاثة اللهفان (١/١١-١٢) .
(٢) سورة الشعراء، الآيتان: ٨٨-٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>