للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن الحي يدفع ما يؤذيه: بخلاف الميت الذي لا حياة فيه فإنه يسمى وقحا، والوقاحة الصلابة (١) وهو اليبس المخالف لرطوبة الحياة، فإذا كان وقحاً يابساً صليب الوجه لم يكن في قلبه حياة توجب حياءه، وامتناعه من القبح كالأرض اليابسة لا يؤثر فيها وطء الأقدام، بخلاف الأرض الخضرة.

ولهذا كان الحي يظهر عليه التأثر بالقبح، وله إرادة تمنعه عن فعل القبح، بخلاف الوقح الذي ليس بحي فلا حياء معه ولا إيمان يزجره عن ذلك، فالقلب إذا كان حياً فمات الإنسان بفراق روحه بدنه كان موت النفس فراقها للبدن، ليست هي في نفسها ميتة بمعنى زوال حياتها عنها.

ولهذا قال تعالى: (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ ((٢) ، وقال تعالى: (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ ((٣) ، مع أنهم موتى داخلون في قوله: (كل نَفْس ذَائِقَةُ المَوْت ((٤) وفي قوله: (إنَّكَ مَيِّتٌ وإنَّهُمْ مَيِّتُون ((٥) ، وقوله: (وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ((٦) فالموت المثبت غيرا لموت المنفي، المثبت هو فراق الروح البدن، والمنفي: زوال الحياة بالجملة عن الروح والبدن..) (٧) .


(١) انظر: المصباح المنير (٢/٦٦٧) ، والقاموس المحيط ص٣١٦.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٥٤.
(٣) سورة آل عمران، الآية: ١٦٩.
(٤) سورة آل عمران، الآية: ١٨٥.
(٥) سورة الزمر، الآية: ٣٠.
(٦) سورة الحج، الآية: ٦٦.
(٧) مجموع الفتاوى (١٠/١٠٩-١١٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>