كما تكرر في ((سفر الرؤيا)) تأكيد المجيء الثاني وأنه مجيءٌ سريع حيث يقول: ((ها أنا آتي سريعاً)) (٣/١١، ١٢)(٧/١٢،٢٠) .
فهذه النصوص يقرر من خلالها النصارى أن المسيح (سيأتي مرةً ثانية، إلا أنهم اختلفوا في وقت مجيئه إلى أقوالٍ عديدةٍ نذكرها في المباحث التالية ونبين ما في تلك الأقوال من الأخطاء والانحرافات: -
المبحث الأول: الذين قالوا بمجيئه بعد ارتفاعه بوقتٍ قصير
بعض النصوص السابقة فيها الإيحاء بأن المسيح (سيعود بعد وقت قصير من وقت ارتفاعه، لهذا برز عند النصارى في وقتٍ مبكرٍ من تاريخهم دعوى عودته ومجيئه مرة أخرى.
وممن كان على هذا الاعتقاد ((بولس)) فقد صرح بأن مجيء المسيح مرةً أخرى سيكون في الفترة الزمنية التي هو يعيش فيها، كما في قوله السابق لأهل ((تسالونيكى)) ((إنَّا نحن الأحياء الباقين إلى مجيء الرب لا نسبق الراقدين.. والأموات في المسيح سيقومون أولاً ثم نحن الأحياء الباقين سنخطف معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء وهكذا نكون كل حين مع الرب)) .
وقوله في ((كورنثوس الأولى)) (١٥/٥١-٥٣)((لا نرقد كلنا ولكننا كلنا نتغير في لحظة في طرفة عينٍ عند البوق الأخير فإنه سيبوق فيقام الأموات عديمي فساد ونحن نتغير)) . هكذا زعم. ولا شك أن هذا لم يتحقق فلم يأت المسيح - عليه السلام -، ولم يخطف ((بولس)) ، وبان بهذا أن قوله السابق غير صحيح وهو كاذب فيه، ولعله بسبب هذا القول لم يحرر تاريخ مؤكد لوفاته، فإن النصارى لا يعلمون على اليقين أين تُوفي، ومتى كان ذلك، وإنما يعلمون أنه وصل حسب المعلومات المتوفرة إلى روما، ثم منهم من يقول إنه قُتل في اضطهادات ((نيرون)) (٤) عام ٦٤م، ومنهم من يقول إنه لم يُقتل وإنما أطلق سراحه، وسافر إلى المشرق، وربما إلى إسبانيا ويقال أنه قتل سنة ٦٧م (٥) .