للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما إن قالوا -كما يظهر من أقوال كثيٍر منهم ممن يرون مجيء المسيح:- إن ذلك لأحداثٍ ستأتي، فإن هذا يخالف الواقع، وذلك أن النصارى توقف الاضطهاد الديني بالنسبة لهم منذ رفع ((قسطنطين)) (١٠٥) في القرن الرابع الميلادي الاضطهاد عنهم، ثم دخل في ديانتهم،وبدأوا هم يضطهدون الناس المخالفين لهم، كالاضطهاد الذي وقع على اليهود من النصارى، والذي وقع على الموحدين أتباع المسيح من النصارى أتباع بولس.

وفي هذه الأزمنة التي نحن فيها أصبحت القوة المادية بأيديهم، والكنيسة في غايةٍ من القوة والتمكن من ناحية عدد الأتباع وكثرة الأموال وكثرة المناصرين، فلا يوجد أي توافقٍ بين الصورة الواقعية لحال النصارى الآن وبين السمة الظاهرة لهم في ((سفر دانيال)) و ((سفر الرؤيا)) ، وهي الاضطهاد والضعف وتسلط الأعداء عليهم.

ويزداد بطلان استدلال النصارى بهذين السفرين وضوحاً ويتأكد إذا علمنا أن كثيراً من النصارى يرى أن مجيء المسيح قد أزف وقرب جداً جداً، ولم يبق على مجيئه في زعمهم إلا سنوات قلائل، فمن ذا الذى يستطيع من ناحية القوة المادية في هذا الزمان أن يقاتل النصارى الذين يزعمون أنهم أتباع المسيح والذين يعدون العدة لنصره واستقباله، مع ما يدعون من أن المسيح سينزل بقوات سماوية. لا شك أنه لا يوجد أي تجانس بين الصورتين والحالين: الماضية والحاضرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>