للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

: ((يتعين على العالم إذا كان يفتي بما كان الإمام على خلافه مما يسوغ فيه الاجتهاد في مثل هذه المسألة وذلك الموطن أن يترك ما كان عليه ويصير إلى ما عليه الإمام)) (١) . وقد ذكر القرافي (٢) - رحمه الله - أنه لولا هذا، الضابط لما استقرت للحكام قاعدة ولبقيت الخصومات، ودام التنازع والعناد، وهو مناف للحكمة التي لأجلها نصب الحكام. ثم إن الحاكم هو نائب لله تعالى، فهو مخبر عن الله بهذا الحكم الذي قضى به، وقد جعل الله له أن ما حكم به فهو حكمه، فهو كالنص الوارد من قبل الله تعالى في تلك الواقعة (٣) .

سادساً: وهذا القيد مبني على قاعدة أصولية وهي: ((تجزؤ الاجتهاد))

أو ما نسميه في عصرنا هذا: ((التخصّص)) ، فجمهور الأصوليين على أن الاجتهاد ليس أمراً واحداً لا يقبل التجزئ والانقسام، بل قد يكون مجتهداً، أو متخصصاً في فن أو باب أو مسألة، دون فن أو باب أو مسألة (٤) ، وإذا كان الأمر كذلك، كان على المفتي أن يراعي الفتاوى التي تصدر عن أهل الاختصاص، فلا يسارع إلى المعارضة والتشغيب، لاسيما إذا صدرت هذه الفتاوى من هيئات علمية عُرف حسن قصدها، وإخلاص علمائها، والغالب على هذه الهيئات أنها لا تصدر فتوى إلا بعد عرضها على من له صلة بها، كالأطباء إن كانت الفتوى تتعلق بمسألة طبية، أو الاقتصاديين إن كانت تتعلق بمسألة مالية.


(١) انظر: الفروع ٦ / ٣٩٢.
(٢) هو أحمد بن إدريس القرافي المالكي، أبو العباس، شهاب الدين، صاحب ((نفائس الأصول)) و ((الفروق)) توفي سنة ٦٨٤ هـ.
انظر ترجمته في: الأعلام ١ / ٩٥.
(٣) انظر: الفروق ٢ / ١٠٤، ١٠٥.
(٤) انظر: تيسير التحرير ٤ / ١٨٢، شرح الكوكب المنير ٤ / ٤٧٣، مجموع الفتاوى ٢٠ / ٢١٢، شرح تنقيح الفصول ص ٤٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>