للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحن نتساءل لِمَ لمْ يُثَنَّ الضمير الذي هو "التاء" في "أَرَأَيْتَكُما"، ولم يُجْمَعْ في "أَرَأَيْتَكُمْ" و "أَرَأَيْتَكُنَّ" (١) .

ويردُّ الفرَّاء ت (٢٠٧ هـ) توحيد التاء في "أَرَأَيْتَكَ" التي بمعنى أخبرني إلى أنَّ العرب "لم يريدوا أن يكون الفعل منها واقعاً على نفسها، فاكتفوا بذكرها في الكاف، ووجَّهُوا التاء إلى المذكَّر، والتوحيد؛ إذ لم يكن الفعل واقعاً" (٢) .

فالفرَّاء يذكر أنَّ توحيد التاء هنا ناشيء من أنَّه لا موضع لها، وأنَّ الموضع للكاف أي أنَّ الكاف قامت مقام التاء، فلذلك وحّدوها، وثنّوا الكاف، وجمعوها وتعليله هذا انعكاس لرأيه في التاء، والكاف في "أَرَأَيْتَكَ" وفروعه.


(١) “أَرَأَيْتَ " البصريَّة تتصرَّف تاؤها تصرف سائر الأفعال من إفراد وتثنية وجمع أي تتغير تاؤها قال الفرَّاء في أثناء حديثه عن "أَرَأَيْتَ ": "العرب لها في "أَرَأَيْتَ " لغتان ومعنيان: أحدهما أن يسأل الرجل الرجل أَرَأَيْتَ زيداً بعينك؟ فهذه مهموزة فإذا أوقعتها على الرجل ... قلت أَرَأَيْتَك على غير هذه الحال؟ تريد: هل رأيت نفسك على غير هذه الحال؟ ثم تثنَّى وتجمع فتقول للرجلين: أَرَأَيْتَماكما، وللقوم: أَرَأَيْتُموكم، وللنسوة: أَرَأَيْتُنَّكُنَّ، وللمرأة: أَرَأَيْتِكِ تخفض التاء والكاف ولا يجوز إلاَّ ذلك" الفرَّاء، معاني القرآن، ١/٣٣٣.
(٢) الفرَّاء، معاني القرآن، ١/٣٣٣، وتابعه سليمان الجمل، الفتوحات الإلهية، ٢/٢٨؛ يقول: "وإنما تركت العرب التاء واحدة (أي في أَرَأَيْتَكَ وفروعه) لأنهم لم يريدوا أن يكون الفعل واقعاً من المخاطب على نفسه فاكتفوا من علامة المخاطب بذكرها في الكاف وتركوا التاء في التذكير والتوحيد مفردة إذ لم يكن الفعل واقعاً" الجمل، الفتوحات الإلهية، ٢/٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>