للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمّ بعد ذلك اتفق الخليل وسيبويه في باقي الخطوات، وهي: قلب كسرة الهمزة الأولى فتحةً وذلك للتخفيف، فصارت "خطائَي"؛ ثم قُلبت الياء ألفاً لتحركها وانفتاح ماقبلها، فصارت "خطاءا" بألفين بينهما همزة، والهمزة تُشْبُه الألف، فاجتمع شبه ثلاث ألفات، وذلك مستكرهٌ، فأُبدلت الهمزة ياءً ولم تُبْدل واواً؛ لأنّ الياء أخفُّ منها، فصارت "خطايا" وذلك بعد خمس خطوات في مذهب سيبويه، وأربعٍ في مذهب الخليل بن أحمد (١) .

قال سيبويه: (وأمّا "خطايا" فكأنّهم قلبوا ياءً أُبدلت من آخر "خطايا" ألفاً؛ لأنّ ماقبل آخرها مكسور، ... وأبدلوا مكان الهمزة التي قبل الآخر ياءً، وفُتحت للألف، ... فلمّأ أبدلوا من الحرفِ الآخر ألفاً، استثقلوا همزةً بين ألفين، لقرب الألفين من الهمزة، ... أبدلوا مكان الهمزة التي قبل الآخرة ياءً) (٢) .

والرّاجح: مذهب سيبويه، وهو قول الجمهور؛ لأنّ الخليل اُعترض عليه بأنّهم قد نطقوا باجتماع الهمزتين، مما يدلّ على صحة مذهب سيبويه، إذْ قال بعض العرب: "اللهمّ اغفر لي خطائِئ" – بهمزتين – على الأصل، وهو شاذٌٌّ (٣) .

قال ابن جني: (ومذهب مَنْ لم يقُل بالقلب في "خطايا" عندي أقوى من قول الخليل) (٤) .

قلت: ثمرة الخلاف بينهما هو أنّ وزن "خطايا" عند الخليل (فَعَالِي) ، ووزنها عند سيبويه (فَعَايِل) .

المطلب الثاني: الخلاف بينهما في اسم الفاعل من الأجوف الثلاثي المهموز اللاّم.


(١) ينظر التكملة ٥٩٧، والمنصف ٢/٥٤، وابن يعيش ٩/١١٧، وشرح الشافية ٣/٥٩، وأوضح المسالك ٣/٣٢١، والمساعد ٤/٢١٤، وتوضيح المقاصد ٦/١٩، والإنصاف ٢/٨٠٦، وإملاء مامنّ به الرحمن ١/٣٨، والتصريح ٢/٣٧١، وشذا العرف ١٥٤، والقواعد والتطبيقات ٣٧، ومنجد الطالبين ٥٤.
(٢) ينظر الكتاب ٣/٥٥٣.
(٣) ينظر المنصف ٢/٥٧، وابن يعيش ٩/١١٦، وتوضيح المقاصد ٦/١٩، والتصريح ٢/٣٧١.
(٤) ينظر المنصف ٢/٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>