للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المذهب الثاني: أجازوا التَّداخُل فيها وفي غيرها، وهم: أبوعمرو، وابن السكيت، والفراء، وثعلب، والزجاجيّ، وابن خالويه، وابن جنّى، والزمخشريّ، وابن يعيش، وابن الحاجب، وابن مالك، والرضيّ، وأبو حيّان، وابن عقيل، والسّلْسيليّ، والجاربرديّ، وغيرهم (١) .

والصّواب هو ماذهب إليه الخليل، وغيره - وهو المختار عندي - أنّ التَّداخُل يوجد في اللُّغات، وهو ضرْبٌ من ضروب التوسع في اللغة العربية، ولا يصح إطلاق الشذوذ دون رويةٍ وإمعانٍ؛ كما أنّه لايجوز تضييق واسعٍ؛ لأنّ العربيّ له لغة يرثها ويتكلم بها، وله أُذْنٌ يتلقى بها، فيسمع لغة غيرهِ، وغيُره يسمع لغته، فينشأ عن ذلك الاستماع تركُّبُ لغة ثالثة.

وما أحسن قولَ ابن جنّي: (اعلم أنّ هذا موضعٌ قد دعا أقواماً ضَعُفَ نظرهم، وخفّت إلى تلقّى ظاهر هذه اللغة أفهامُهم، أن جمعوا أشياء على وجه الشذوذ عندهم، وادّعوا أنّها موضوعة في أصل اللغة على ماسمعوه بأَخَرةٍ من أصحابها، وأُنْسُوا ماكان ينبغي أن يذكروه، وأضاعوا ماكان واجباً أن يحفظوه.

ألا تراهم كيف ذكروا في الشذوذ ماجاء على (فَعِل يفعُل) ، نحو: نَعِم ينعُم، ودِمْتَ تدوم، ومِتَّ تمُوت ...

واعلم أنّ أكثر ذلك وعامّته إنّما هو لغاتٌ تداخلت فتركّبت،.... هكذا ينبغي أن يُعتقد، وهو أشبه بحكمة العرب) (٢) .

المبحث الخامس: اختلافهما في باب الوقف، وفيه مطلبان:


(١) ينظر إصلاح المنطق ٢١٢، والجُمل ٣٩٧، وإعراب ثلاثين سورة ١٨١، والخصائص ١/٣٧٨ – ٣٨٠، والمنصف ١/٢٠٨، ٢٥٦، ٢٥٧، والمفصل ٢٧٧، وابن يعيش ٧/١٥٤، ١٥٧، وشرح الملوكي ٤٢، ٤٣، والإيضاح في شرح المفصل ٢/١١٥، والشافية ٢٤، والتسهيل ١٩٥، وشرح التسهيل ٣/٤٣٧، وشرح الشافية ١/١٢٥، ١٣٥، ١٣٦، والارتشاف ١/١٥٥، ١٥٦، والمساعد ٢/٥٨٧ – ٥٨٩، وشفاء العليل ٢/٨٤١، ٨٤٢، والجاربردي ٥٧، والمزهر ١/٢٦٤، ٢٦٥.
(٢) ينظر الخصائص ١/٣٧٤ – ٣٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>