للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الموضع هو محلّ الخلاف بين سيبويه وشيخه الخليل، فالخليل يختار أن يُوقف عليه بالياء، وسيبويه اختار مذهب يُونُس ورجّحه، وهو حذف الياء، فتقول: "ياقاضْ"؛ لأنّ المنادى محلُّ حذْفٍ وتخفيفٍ، قال سيبويه: (وسألت الخليل عن "القاضِي" في الندّاء، فقال: أختار "ياقاضِي"؛ لأنّه ليس بمنوّنٍ، كما أختار "هذا القاضي".

وأمّا يُونُس فقال: "ياقاضْ"؛ وقولُ يُونُس أقوى؛ لأنّه لمّا كان من كلامهم أن يحذفوا في غير النّداء كانوا في النّداء أجدرَ؛ لأنّ الندّاء موضعُ حذْفٍ، يحذفون التنوين ويقولون: ياحَارِ، وياصَاحِ، وياغُلامُ أَقْبلْ) (١) .

وقد انقسم النّحويوّن في اختيارهم أحد المذهبين – أعني: مذهب الخليل وهو إثبات الياء، أو مذهب سيبويه ويونس وهو حذف الياء – على فريقين:

الفريق الأول: ذهب إلى جواز الوجهين، دون تحديدٍ للمختار منهما، وهو الظاهر والمفهوم من كلامه، وهو قول ابن السراج، والأعلم الشنتمريّ، وابن عصفور، والرضيّ، وأبي حيّان، والمراديّ، وابن عقيل، والأزهريّ، وغيرهم (٢) .

الفريق الثاني: اختار مذهب الخليل بن أحمد، وصرّح بأنّ إثبات الياء هو الأجود والأقيس؛ ومن القائلين بهذا المذهب المبرد، والصَيمريّ، والزمخشريّ، وابن يعيش، والجزوليّ، وابن الحاجب، وأبو عليّ الشلوبين، وابن مالك، والجاربرديّ، والسيوطيّ، والأشموني، وغيرهم (٣) .


(١) ينظر الكتاب ٤/١٨٤، وانظر القول الفصل ١٦٥.
(٢) ينظر الأصول ٢/٣٧٥، والنكت ١١٠٩، وشرح الجُمل ٢/٤٣٢، وشرح الشافية ٢/٣٠١، والارتشاف ٨٠٤، وتوضيح المقاصد ٥/١٦٢، والمساعد ٤/٣٠٩، والتصريح ٢/٣٤٠، والوافي ١٢٣.
(٣) ينظر التبصرة والتذكرة ٢/٧٢٠، والمفصل ٣٤٠، وابن يعيش ٩/٧٥، والمقدمة الجزولية ٢٨٢، والشافية ٦٥، والإيضاح في شرح المفصل ٢/٣٠٨، وشرح المقدمة الجزولية ١٠٧١، والتسهيل ٣٢٨، والجاربردي ١٨٢، والهمع ٢/٢٠٥، والأشمونيّ ٤/٢٠٧؛ وانظر رأي المبرد في شرح الشافية ٢/٣٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>