وأخَذَتْ علومُ اللغةِ النَّصيبَ الكَبيرَ مِنْ هذه العلومِ، وكانَ مِنْ أهمِّ الكتبِ النَّحْويَّةِ التي أحْضَروها مَعَهم وتَدَارَسُوها كتابُ سيبويه وإيضاحُ الفارسيِّ وجُمَلُ الزَّجَّاجِيِّ والكافِي للنَّحَّاسِ، فاهْتَمَّ علماءُ الأندلسِ بهذِه الكتبِ وغيرِها، فشَرَحُوها وتَوَسَّعوا في شَرْحِها حَتّى إنّ كتابَ الجُمَلِ شُرِحَ في الأندلسِ أكثرَ ممّا شُرِحَ في الأندلسِ،وممّنْ شَرَحه ابنُ عُصفور، فعُرِفَ له أكثرَ مِنْ شَرْحٍ عَلى كتابِ الجُمَلِ.
وكانَ مِنْ أبْرزِ عُلماءِ هذه الفَتْرَةِ عَالِمان كانَ لَهُما الدَّوْرُ الكَبيرُ في ازْدِهارِ الحَياةِ العِلميَّةِ،هما أبُو الحُسين بنُ الطّراوةِ وأبو الحسن بن الباذِشِ الغرناطي، فعلى هذين العَلَمَين أَخَذَ كَثيرٌ مِنْ علماءِ الأندلسِ مَعَارِفَهُم، وكَانا في تَنَافُسٍ ونِدّيّةٍ عِلميَّةٍ دائمةٍ.
وقد اختارَ الباحِثُ شَخصيَّةَ ابنَ الباذِشِ الغَرْناطيّ لِتَكونَ مَوْضوعَ هذا البحثِ مَدفوعاً بعِدّةِ أمورٍ: مِنْها أهميَّةُ هذه الشخصيَّةِ،فهي أَبْرَزُ شَخْصيَّةٍ نَحْويَّةٍ في تلكَ الفترةِ، ومِنْها أنَّ هذه الشخصيَّةَ لمْ تَنَل اهتِمَامَ الباحِثين، فلم يكتبوا عنها، والسَّبَبُ في ذلك أنَّه ليسَ لهذِه الشَّخْصيَّةِ كُتُبٌ موجودةٌ، مَخطوطةٌ كانت أو مَطبوعةٌ، فآراؤه واختياراتُه مَبثوثةٌ في بُطونِ الكتبِ، ومِنْ هذِه الدَّوافعِ مُحاولةُ إبرازِ الفِكرِ النَّحْويِّ لِهذِه الشَّخْصِيَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute