للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمّا عبارةُ سِيْبَوَيْه فالمفهومُ الظاهرُ منها أنّ اجتماعَ الفِعْل والفاعلِ في المَعْنى هو السببُ في حُصولِ معنى المُضارعَةِ، يقول (١) : " وإنّما ضارعت أسماء الفاعلين أنّك تقول: (إنّ عبد الله ليفعل) فيوافق قولك: (لفاعل) حتّى كأنّك قلت: (إنّ زيداً لفاعل) فيما تريد من المعنى "، ويقول: " إلا أنّها ضارعت الفاعل لاجتماعهما في المعنى "،فالمقصودُ من هذا أنّ مُضارعةَ الفِعْل لاسم الفاعِل إنّما كانت لاتّفاقهما في المعنى حتّى إنّ كلَّ كلمةٍ منهما يمكن أن تسدَّ مسدّ الأخرى، ولم تكن المضارَعةُ لمُجَرَّد اتفاقهما في وقوعهما خبراً،أو في دخول اللام عليهما.

حدّ الفِعْل الماضي والمستقبل

عَرَّفَ الزَّجّاجيُّ الفِعْل الماضي بقوله (٢) :" ما حَسُنَ فيه أمسُ " وعَرَّفَ المستقبلَ بقوله (٣) :"ما حَسُن فيه غد "، ويَرى ابنُ الباذِش أنّ هذا الحدَّ غيرُ سديدٍ مستنداً إلى لفظِ سِيْبَوَيْه، فَحَدُّ الزَّجّاجي يوجبُ أن يكونَ قولُكَ: (قامَ زيدٌ غداً) و (يقومُ زيدٌ أمس) قبيحاً (٤) ،والصحيحُ أنّه مُحالٌ كما هو رأيُ سِيْبَوَيْه، يقول سِيْبَوَيْه (٥) :"وأمّا المُحالُ فأن تنقضَ أوَّلَ كلامِك بآخِرِه فتقول: (أتَيتُك غداً) و (سآتيك أمس) ".

وهذا الاعتراضُ اعتراضٌ لفظيٌّ على استعمالِ الزَّجّاجي لكلمةِ (حَسُن) ، والصَّحيحُ أنّه يُفْتَرَضُ استعمالُ كلمةِ (استقام) ،فالمُحال ضدّه المُستقيم، والتحقيق في حدّ الفِعْل الماضي عند ابن الباذِش (٦) : (ما استَقامَ فيه أمس) والمستقبل: (ما استَقامَ فيه غد) .

ويرى ابنُ الباذِش أنّ الكلامَ قد يكون مُستقيماً حَسَناً كقولك: (قد قامَ زيدٌ) ،وقد يكون مستقيماً غيرَ حَسَن نحو: (قد زيدٌ قامَ) (٧) .

الفِعْل الدائم نقد للزجّاجي


(١) سِيْبَوَيْه ١/١٤
(٢) الجمل ٧
(٣) الجمل ٧
(٤) انظر التذكرة ٥٥٣
(٥) سِيْبَوَيْه١/٢٥
(٦) التذكرة ٥٥٣
(٧) انظر التذكرة ٥٥٣

<<  <  ج: ص:  >  >>