للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه هي آراءُ النُّحَاةِ في العَامِلِ في المُسْتَثْنى، ولَعَلَّه يُلاحَظُ ما في هذه الآراءِ مِنْ اضْطِرابٍ،ويُلاحَظُ أيضاً أَنَّ مِنْ أَسْبابِ هذا الاضْطِرابِ العِبَارَةَ المُبْهَمَةَ لسِيْبَوَيْه أو المُبَرِّدِ وغيرِهما مِنْ النُّحَاةِ،ولو تَتَبَّعْتَ هذه الآراءَ وَجَدْتَ أنَّه قد تَمَّ الاعْتِراضُ على جَميعِها،وأَرى أَنَّ أقْرَبَ هذه الآراءِ قُبُولاً هو ما اخْتارَه ابنُ الباذِش وهو رَأيُ الجُمْهورِ.

العامل في المضاف إليه

للنُّحَاةِ في عَامِلِ الجَرِّ في المُضَافِ إليه ثلاثَةُ آراءٍ، هي:

١ المضافُ.

٢ الإضافَةُ.

٣ الحَرفُ.

أمّا الأوَّلُ فهو مَذْهَبُ سِيْبَوَيْه (١) ، ولِهذا الرَّأيِ تَوْجِيهان،أَحَدُهُما أَنَّ العَامِلَ هو الاسْمُ المُضَافُ بنَفْسِه، وهو مَا أَخَذَ به الرَّضيُّ (٢) ، والثاني أنَّ العَامِلَ هو الاسْمُ المُضَافُ بِواسِطَةِ نِيابَتِه عَنْ حَرْفِ الجَرِّ المُقَدَّرِ، وهو مِا ذَهَبَ إليه أبو الحَسَن بنُ الباذِش الغرناطيُّ حَيْثُ نُسِبَ إليه أَنَّ العَامِلَ في المُضَافِ إليه حَرْفٌ مُقَدَّرٌ نَابَ عَنْه المُضَافُ (٣) .

ويُفْتَرَضُ هنا أَنْ يَدُلَّ المُضَافُ عَلى الحَرْفِ المُقَدَّرِ حَتّى يَنُوبَ عَنْه، فلا يُمْكِنُ للاسْمِ أنْ يَنُوبَ عَنْ الحَرْفِ العَامِلِ إلاّ إذا تَضَمَّنَ هذا الاسْمُ مَعْنى الحَرْفِ وهو الإضَافَةُ، والذي أراه أنَّ المُضَافَ لا يَدُلُّ عَلى الحَرْفِ المُقَدَّرِ، فمَعْنى اللامِ أو (مِنْ) لمْ يَحْدُثْ مِنْ المُضَافِ، وإنَّما مِنْ النِّسْبَةِ المَوْجُودَةِ بينَ المُضَافِ والمُضافِ إليه.


(١) انظر الكتاب ١/١٧٧.
(٢) انظر شرح الرضي ١/٢٥.
(٣) انظر شرح التصريح٢/٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>