للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحَقُّ أنَّ هذه العِلَّةَ لمَنْ سَبَقَهُ مِنْ النُّحَاة ولَيْسَت له، قال الفَارِسِيّ في التَّكْمِلةِ (١) : " تَصْغيرُ الاسْمِ بمَنْزِلةِ وَصْفِهِ بالصِّغَرِ، فقَوْلُنا: (حُجَيرٌ) كقولنا: (حَجَرٌ صَغيرٌ) ، ويَدُلُّ على ذلك أَنَّ مَنْ أَعْمَلَ اسْمَ الفاعِلِ نَحْوَ: (هذا ضَارِبٌ زَيداً) إذا صُغِّرَ فقال: (ضُوَيْرِبٌ) لم يَسْتَحْسِنْ إِعْمالَهُ في المَفْعُولِ بِهِ كَما لا يَسْتَحْسِنُ إذا وَصَفَه فقال: هذا ضَارِبٌ ظَريفٌ زَيداً "،فالواضِحُ مِنْ هذا النَّصِّ أَنَّ الوَصْفِيّةَ عِلَّةٌ للمَنْعِ عندَ الفَارِسِيّ.

ويَبْدو لي أنَّ هذا اخْتِيارٌ لابنِ الباذِش، وليسَ رأياً له، وهو اخْتِيارُ جُمْهورِ البَصْرِيِّين في التَّعْليلِ لمَنْعِ عَمَلِ اسْمِ الفاعِلِ مُصَغَّراً أو مَوْصُوفاً (٢) .

أمّا العِلَّةُ الثانِيَةُ وهي عِلَّةُ مَنْعِ المَوْصُوفِ أو الصِّفَةِ عن العَمَلِ فيَرى النُّحَاة أنّ الأسْماءَ العامِلةَ إذا وُصِفَت انْعَزَلت عن العَمَلِ؛ وذلك لبُعْدِها عَنْ مُشابَهَةِ الفِعْلِ (٣) ،قال الرضي (٤) : "إنّما لم يُصَغَّرْ الاسمُ العامِلُ عَمَلَ الفِعْلِ لغَلبَةِ شَبَهِ الفِعْلِ عليه، إذن فكَما لا يُصَغَّرُ الفِعْلُ لا يُصَغَّرُ مُشْبِهُهُ ".

علّة مجيء (أي) الموصولة بعد المستقبل


(١) التكملة ٤٩٦
(٢) انظر الملخص ٢٩٥ وشرح ألفية ابن معط ١٢٠١ وشرح الشافية للرضي ١/٢٩٢ وشرح اللمع لابن برهان٦٣٩ والصفوة الصفية ٢/٣٨٢
(٣) انظر شرح ألفية ابن معط ١٢٠١ وشرح الشافية للرضي ١/٢٩٢
(٤) شرح الشافية للرضي ١/٢٩٢

<<  <  ج: ص:  >  >>