كتاب مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة واللغة العربية

العدد ٢٣ - أثر الصحراء في نشأة الشعر العربي وتطوره حتى نهاية العصر العباسي الثاني - ج: 12 - ص: 98

على لاحِبٍ كأنَّهُ ظَهْرُ بُرْجُدِ (١)

سَفَنَّجَةٌ تَبْرِي لأزْعَرَ أربَدِ (٢)

وظيفًا وظيفًا فوقَ مَوْرٍ مُعَبَّدِ (٣)

يصف ناقته بأنها هزيلة ضامرة شديدة الضمور سريعة في غدوها ورواحها، وهي مع ذلك سهلة السير مأمونة العِثَار، تشبه الجمل في وثاقة التركيب والقوة، والنعامة في سرعة السير، حتى إنها لتسابق الإبل الكريمة السريعة في قطع المسافات، ويصف في دقة بالغة هيئة يديها ورجليها أثناء السير، وهي تتابعهما في حركة سريعة خاطفة.

وليس في الإمكان أن أورد ما قاله طرفة في الناقة في بحث موجز كهذا، والمثال الواحد نموذج لأمثلة كثيرة مماثلة.

ومن شعراء الجاهلية الذين عنوا بوصف الناقة الشاعر الجاهلي المثقب العبدي، فله في ذلك قصيدة دالية (٤) حشد فيها عددًا من نعوت ناقته، منها قوله (٥) :

١- عَرْفَاءَ وَجْنَاءَ جُمَالِيَّةٍ

٢- تَنْمِي بنهّاضٍ إلى حَارِكٍ

٣- كأنما أَوْبُ يَدَيْهَا إلى

٤- نَوْحُ ابنةِ الجَوْنِ على هَالكٍ

٥- كَلَّفْتُهَا تَهْجِيرَ دَاوِيَّةٍ

٦- في لاَحِبٍ تَعْزِفُ جِنَّانُهُ

---

(١) الأمون: الناقة التي يؤمن عِثَارُهَا وزللها. الإران: تابوتٌ كانوا يجعلون فيه الموتى من سادتهم وكبرائهم دون سواهم. نسأتها: حملتها على السير، أو ضربتها بالمِنْسَأة، وهي العصا. اللاحب: الطريق الواضح. البُرْجُد: كساء للأعراب ذو خطوط.
(٢) جُمالية: تشبه الجمل في القوة ووثاقة الخلْق. وجْنَاء: العظيمة الوجنات. تردي: تعدو وتسرع. سفنجة: نعامة. تبري: تعرض. أزعر: قليل الشعر. أربد: لونه لو الرماد.
(٣) تباري: تسابق. عتاق: إبل كريم. ناجيات: سريعات. الوظيف: ما بين الرُّسْغ إلى الركبة. المور: الطريق.
(٤) ديوانه، ص: ١٠ وما بعدها.
(٥) ديوانه: ٢٦- ٣١.