وفي قصة " رحلة الضياع "(١٤) تبين لنا أضرار الزواج من الكبار، وتحكم الأب بمصير البنات، وذلك من خلال حديثها عن فتاة توفيت والدتها، فتزوج أبوها من أخرى كانت قاسية جافية فتحولت حياة الصغيرة إلى جحيم ملتهب، ورفض أبوها أن يستمع إلىشكواها، ثم أجبرت على الزواج من رجل مسنّ مريض، وحاولت عبثاً رده عن فكرته، وكانت ليلة الزفاف أليمة، بكت كثيراً، وتذكرت أمها ... وحاولت أن تخلص لزوجها، ولكن نوبات المرض كانت تفقده أعصابه فيضربها بكل ما يقع تحت يده، ويقذفها، ثم ينكر ما اقترفت يداه حين يصحو، ويتهمها بالجنون ... وأحست المسكينة أن السعادة سراب ووهم، ولا سيما بعدما فوجئت بورقة الطلاق ولما أفاقت من الصدمة تطلعت إلى ما حولها في ذهول، وحملت حقيبتها وعادت من حيث أتت.
أما قضية الزواج من الأجنبيات فقد ألمحت إليها الكاتبة إلماحاً من خلال نقدها لعادة تسمية الزواج منذ الصغر في قصتها " خيوط من الوهم "(١٥) ، إذ تحدثت عن فتاة كانت منذ نعومة أظفارها تسمع أنها ستكون زوجاً لعلي، وشغل هذا تفكيرها، ونسجت حوله أحلامها، ولكن ابن عمها هذا لم يفاتح أهلها بالقضية عندما جاء ليودعهم قبيل سفره، بل لم يلق نظرة وداع أو تحية عليها فأدركت الفتاة أنها كانت تعيش في حلم وهمي، وسرعان ما تكشفت لها الحقيقة في رسالة أخبرها فيها أنه أكمل نصف دينه بزواجه من أجنبية.