للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما ترك من القراءات له أصل في الشرع، وإلا كانت الأمة آثمة بعدم أدائه، وهذا الأصل هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث الأحرف السبعة: " فاقرؤوا ما تيسر منه " (١) ، حيث دلّ الحديث على أن نقل جميع حروف القراءات ليس نقل فرض وإيجاب، وإنما كان أمر إباحة وترخيص (٢) ، وبذلك يظهر وجه علّة الأوجه والروايات التي كان يقرأ بها في الأمصار عن الأئمة السبعة أو العشرة ثم اندثرت، مثال ذلك قول الحافظ أبي العلاء (ت ٥٦٩ هـ) في مقدمة غايته: " فإن هذه تذكرة في اختلاف القراء العشرة الذين اقتدى الناس بقراءتهم، وتمسكوا فيها بمذاهبهم من أهل الحجاز والشام والعراق " (٣) ، ثم ذكر بعد ذلك رواتهم ومنهم شجاع ابن أبي نصر (١٩٠ هـ) وأبو زيد الأنصاري (ت ٢١٥ هـ) عن أبي عمرو البصري (ت ١٥٤ هـ) ، وقتيبة ابن مِهْران (ت بعد ٢٠٠ هـ) عن الكسائي (ت١٨٩ هـ) وغيرهم، في حين أن روايات هؤلاء وأمثالهم لا يقرأ بها الآن (٤) .


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل القرآن، " باب أنزل القرآن على سبعة أحرف " ص ٨٩٥، رقم الحديث ٤٩٩٢، ومسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، " باب بيان أن القرآن على سبعة أحرف " ص ٣٢٩، رقم الحديث [١٨٩٩] .
(٢) انظر جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري ١/٢٨ ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ١٣/٣٩٦.
(٣) غاية الاختصار في القراءات العشر للحافظ أبي العلاء ١/٣.
(٤) وانظر نحو هذا المثال في مفردة نافع للداني ص ٦، وقلما تخلوا كتب القراءات في مقدماتها من هذا القبيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>