للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسورة هود تعرّضت لقصص الأنبياء بالتفصيل، فقد تعرّضت لدعوة نوح وهود وصالح وشعيب وموسى عليهم وعلى نبيّنا أتمّ الصلاة والتسليم، وبدأت بقصة نوح (لأَنَّه الأب الثَّاني للبشر من بعد الطوفان، قال تعالى:

(وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ ((١) ، وهو أطول الأنبياء عمرًا، وأكثرهم بلاءً وصبرًا، فقد صبر على الدعوة ألف سنة إِلاَّ خمسين عامًا وهو يدعوهم إلى الله، ولم يؤمن به في هذه المدّة إِلاَّ القليل، كما قال تعالى: (وَمَاءَامَنَ مَعَهُ إِلا قَلِيلٌ ((٢) . ثُمَّ ثنّت بذكر قصّة نبي الله هود، ثُمَّ قصّة صالح، ثُمَّ شعيب، ثُمَّ موسى، وختمت بتوجيه الخطاب لخاتم الرسل محمَّد (بالاستقامة والصبر والثبات على الدعوة إلى الله: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ((٣) . وأعقبت ذلك ببيان الحكمة من ذكر قصص الأنبياء ليثبت قلب النَّبي (أمام الصعوبات الَّتي يلاقيها أثناء دعوته: (وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ((٤) . فهي بدأت بتقرير أصول الدين، وإقامة الأدلة والبراهين على وجود الله ووحدانيته، وردّ الشبه الَّتي كان أعداء الإسلام يثيرونها حول القرآن والرسالة المحمّدية، حيث تعرّضت لعناصر الدعوة الَّتي هي: التوحيد، والرسالة، والدعوة، وفرّقت بين الأعمى عن دعوة الحقّ وبين من بصّره الله فأنار بصيرته فاستجاب لها، ثُمَّ شرعت تسرد قصص الرسل حتَّى ختمت بما بدأت به من التوحيد: (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا


(١) لحواشي والتعليقات

() الآية ٧٧ من سورة الصافات.
(٢) الآية ٤٠ من سورة هود.
(٣) الآية ١١٢ من سورة هود.
(٤) الآية ١٢٠ من سورة هود.

<<  <  ج: ص:  >  >>