للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنّ الله (أمر نبيّه محمَّدًا (في غير ما آية من كتابه بالدعوة، كما أمر هذه الأمّة المحمّدية بالدعوة إلى الله، وأخبر تعالى أنّ فضل هذه الأمّة على الأمم السابقة إِنَّما هو بسبب أمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر، وذمّ - سبحانه وتعالى - بني إسرائيل لعدم تناهيهم عن المنكر، وأخبر - سبحانه وتعالى - عن نفسه أَنَّه يدعو إلى الحقّ وأنّ له دعوة الحقّ، وأَنَّه يدعو إلى دار السلام، وأمر النَّبي (أصحابه أن يبلّغوا عنه ولو آية، كما أمرهم أن يبلّغ الشاهد منهم الغائب، وسيأتي إن شاء الله بيان ذلك موضّحًا، فبان مما ذكر أن للدعوة إلى الله أهميّة بالغة، وأجمعت الأمّة على وجوبها، إِلاَّ أن العلماء اختلفوا هل هذا الوجوب المتّفق عليه على الأعيان بحيث يكون القيام بالدعوة واجبًا على كلّ فرد من أفراد الأمّة الإسلامية، وكلّ من تركه يأثم؟ أم هو وجوب كفاية يكفي في الخروج من عهدة الأمر به قيام بعض الأمّة به دون النظر إلى فاعله، فكل طائفة من المسلمين قامت به سقط الوجوب عن باقي المسلمين؟ وسأذكر كلام العلماء في ذلك إن شاء الله بعد سرد الآيات الَّتي فيها الأمر للنبي (وللأمّة بالدعوة، والآيات الَّتي أخبر فيها - سبحانه وتعالى - أَنَّه يدعو إلى الجنّة ونحو ذلك اهـ.

أمره (بالدعوة هو وأمّته

قال تعالى مخاطبًا له عليه الصلاة والسلام: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ((١) .

يلاحظ أَنَّه جمع الأمر له ولأمّته في هذه الآية، وإن كان الأمر له أمرًا لها لأنّ أمر القدوة أمر للأتباع، وقال تعالى: (وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ ((٢) ، وقال تعالى: (وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ


(١) الآية ١٠٨ من سورة يوسف.
(٢) الآية ٦٧ من سورة الحج.

<<  <  ج: ص:  >  >>