للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتحصّل من الآيات الَّتي تقدّمت صريحًا في نفي علم الغيب عن جميع المخلوقات إِلاَّ من استثنى الله من رسله أن مدّعي علم الغيب اليوم كاذب. وإِنّما بسطنا الكلام في هذه النقطة لشدّة الحاجة إلى ذلك في زمننا الَّذي نعيش فيه فأردت جمع بعض من الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال العلماء وبيان فهمهم لتفسير الآيات الَّتي نفت علم الغيب إِلاَّ عن الله أو من ارتضاه من رسله، أردت جمع ذلك ليطّلع عليه طلبة العلم لا سيما من يتعرّض للدعوة إلى الله، لأنّ الكثير من النّاس فشت فيهم الخرافة والغلو في الصالحين والأولياء والمشايخ، وفشا فيهم اتباع الدجالين ممن هم محسوبون على الإسلام والإسلام منهم بريء براءة الشمس من اللمس، مع العلم أن هناك من طلبة العلم بل من العلماء من يركن إلى هذا النوع من الضلال، ويرى أن علم الغيب المنفي إِنَّما هو الغيب كلّه لا بعضه، وبعضهم يقول: العلم المنفي هو ما ذكر في آية لقمان من المسائل الخمس حتَّى إن الرازي قال: إن قوله تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا ... ((١) ليست فيه صيغة عموم، وخفي عليه أو جهل أو تجاهل أن في الآية صيغتي عموم إحداها في قوله: (غَيْبِهِ (فإِنَّه مصدر أضيف إلى الضمير، وإضافة المصدر واسم الجنس إلى المعارف من صيغ العموم، والأخرى في قوله: (أَحَدًا (فإِنَّه نكرة في سياق النفي وتلك من صيغ العموم باتفاق، وهناك صيغة عموم ثالثة وهي وقوع الفعل س يُظْهِرُ ش في حيّز النفي، لأنّ الفعل الصناعي ينحل عن مصدر لا محالة وهذا المصدر هنا نكرة في سياق النفي أي لا يظهر إظهارًا كائنًا ما كان على غيبه أي أحد إِلاَّ من استثناهم من رسله. يقول: (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ ... ((٢) . يقول تعالى آمرًا رسوله محمَّدًا (أن يقول معلّمًا


(١) تقدّمت الإشارة إليها.
(٢) الآية ٦٥ من سورة النمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>