للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ، قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ، أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُواءَالاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ((١) .

هذا نموذج من منهج نبي الله هود في دعوته، فيجب على كلّ داع أن يقتدي بهود (في منهجه في دعوته وسلوكه مع قومه في الصبر على دعوتهم ونصحه لهم والتوكل على الله وتبليغه لهم رسالة ربه، كما يجب على المدعوين أن يعتبروا بحال قوم هود لما أعرضوا عن دعوته وكذّبوه ولم يستجيبوا لما سمعوه من الحق والنصيحة، وأنّ الله أهلكهم بسبب ذلك بالعذاب الشديد في الدنيا؛ ولعذاب الآخرة أشدّ وأشق.

فنتيجة العقل الاعتبار بالغير، والنظر في عواقب الأمور، وإلاّ لم تكن للإنسان الَّذي خصّه الله بالعقل مزية على غيره من الحيوانات.

ومن هذا العرض السريع يتبيّن لنا أن نبي الله هودًا رسم للدعاة منهجًا يجب عليهم أن يسلكوه، بأن يأمروا المدعوين أوّلاً بعبادة الله وحده وعدم إشراك أيّ مخلوق كائنًا من كان معه في العبادة، وأن يبتعدوا من ظلم النّاس، وأن يحذّروهم بأس الله، وأن يضربوا لهم الأمثال بمن مضى، ويذكّروهم بنعم الله، وأن يبيّنوا لهم أَنَّه لا ضارّ ولا نافع إِلاَّ الله وحده، وأن لا يطلبوا أجرًا على القيام بالدعوة إِلاَّ عند الضرورة كما تقدّم. ولنرجع إلى الآية الَّتي نحن بصددها، ونذكر بعض أقوال المفسرين فيها.


(١) الآيات ٦٥ ٦٩ من سورة الأعراف.

<<  <  ج: ص:  >  >>