للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القرطبي: قوله تعالى: (فَلِذَلِكَ فَادْعُ ... (أي فتبينت شكهم فادع إلى الله أي إلى ذلك الدين الَّذي شرعه الله للأنبياء ووصاهم به، فاللام بمعنى إلى، كقوله تعالى: (بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ((١) أي إليها، وذلك بمعنى: هذا، والمعنى: فلهذا القرآن فادع، وقيل: في الكلام تقديم وتأخير، والمعنى: كبر على المشركين ما تدعوهم إليه فلذلك فادع ... ، وقال ابن عبّاس: أي إلى القرآن فادع الخلق واستقم على أمر الله، قاله قتادة، وقيل: استقم على القرآن، قاله سفيان، وقيل: استقم على تبليغ الرسالة، قاله الضحاك (٢) .

وعلى كلّ حال فالواجب على الداعي أن يدعو إلى الاستقامة على الدين، وإلى الاستقامة على القرآن، وإلى الاستقامة على شرع الله، وإلى الاستقامة على تبليغ الرسالة وإن كانت هذه الأمور متقاربة في المعنى لكنها تحتاج إلى توضيح وبيان وخصوص كلّ واحد منها بعينه لشدّة الحاجة إلى ذلك في زمننا هذا الَّذي تتنازعه الأفكار الهدامة للدين ما بين ملحد وشيوعي ويهودي ونصراني ومجوسي، ولا سلاح يقف أمام هذه التيارات المعادية للإسلام والمسلمين إِلاَّ دعوة المسلمين للتسلح بكتاب الله وسنّة رسوله (والتمسك بمبادئ الدين، والثبات عليه والاستقامة، والعض عليه بالنواجذ، وتحكيم شرع الله في أرضه وبين عباده، وعليه ينبغي أن يكون تركيز الدعوة اليوم على هذه الناحية لما لها من الأهمية البالغة. أمّا قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ


(١) الآية ٥ من سورة الزلزلة.
(٢) تفسير القرطبي: ١٦/١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>