للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول: هذا يُحمل على أنه لم يكن يداوم على القنوت في كل ليلة إلا في النصف الباقي، أو أنه لم يكن يذكر في قنوته لعن الكفرة إلا في قنوت النصف كما يشعر به ما جاء عن ابن شهاب أخبرني عروة بن الزبير: "أن عبد الرحمن بن عبد القاري وكان في عهد عمر بن الخطاب مع عبد الله بن الأرقم على بيت المال أن عمر خرج ليلة في رمضان فخرج معه عبد الرحمن بن عبد القاري فطاف بالمسجد وأهل المسجد أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط؛ فقال عمر: والله إني أظن لو جمعنا هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل. ثم عزم عمر على ذلك وأمر أُبي بن كعب أن يقوم لهم في رمضان فخرج عمر عليهم والناس يصلون بصلاة قارئهم فقال عمر: نعم البدعة هي والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون يريد آخر الليل. فكان الناس يقومون أوله وكانوا يلعنون الكفرة في النصف: اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ويكذبون رسلك ولا يؤمنون بوعدك وخالف بين كلمتهم وألق في قلوبهم الرعب وألق عليهم رجزك وعذابك إله الحق ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو للمسلمين بما استطاع من خير ثم يستغفر للمؤمنين.

قال: وكان يقول إذا فرغ من لعنة الكفرة وصلاته على النبي واستغفاره للمؤمنين والمؤمنات ومسألته: اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ونرجو رحمتك ربنا ونخاف عذابك الجد إن عذابك لمن عاديت ملحق. ثم يكبر ويهوى ساجدا" (١) .

أو يُحمل ذلك على القنوت في صلاة الوتر جماعة، لا لمن قنت منفرداً.

عن إبراهيم النخعي رحمه الله: "لا وتر إلا بقنوت" (٢) .

الحاصل أن القنوت في الوتر يشرع طوال العام، والسُّنّة فيه فعله أحياناً وتركه أحياناً، ويتأكد المداومة عليه كل ليلة في صلاة الوتر في النصف الآخر من رمضان. ويُسن تركه في النصف الأول من رمضان إذا صلى الوتر إماماً.


(١) ... صحيح. وسبق تخريجه.
(٢) ... أخرجه ابن أبي شيبة (٢/٣٠٨) بسند صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>