للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والصحيح أن التوبة من ذنب تقبل وإن كان مصرًّا على غيره، خلافاً للمعتزلة الذين يقولون لا يعتبر تائباً من أقام على ذنب وذلك لأن من تاب من ذنب يقال له تائب مطلق توبة. ومن عدل الله عز وجل أن يجازيه على توبته من ذلك الذنب، كما قال تعالى: (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ( [الزلزلة: ٧، ٨] ، لكن لا يستحق الوصف بالتوبة المطلقة إلا من تاب من جميع الذنوب وأصلح جميع أعماله. فهذا هو التائب التوبة المطلقة من جميع الذنوب (١) .

١٧ أن جميع إقرارات المحتضر على نفسه أو ماله وتبرعاته وسائر تصرفاته في هذه الحال لا اعتبار لها، لقوله: (وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن (فلو تصدق في هذه الحال لم ينفعه ذلك بل ولا تنفذ صدقته إلا بإجازة الورثة، قال تعالى: (وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ( [المنافقون: ١٠] .

وقال صلى الله عليه وسلم: «خير الصدقة أن تتصدق وأنت صحيح شحيح تأمل البقاء وتخشى الفقر، ولا تهمل حتى إذا بلغت الروح الحلقوم قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان» (٢) .

١٨ أن الذين يموتون وهم كفار لا توبة لهم ولا ينفعهم ندمهم يوم القيامة، لقوله: (ولا الذين يموتون وهم كفار (.


(١) انظر: «المحرر الوجيز» ٤/٥٢، «الجامع لأحكام القرآن» ٥/٩١، «الاختيارات الفقهية» ص٢٩٧، «مجموع الفتاوى» ١٦/٥٨، «مدارج السالكين» ١/٢١٢، ٣٠٦ ٣١٠، ٣٢٥ ٣٢٦، ٣٤٢ ٣٤٣، ٣٧٥، ٤٢٩، ٤٣٤، «تفسير ابن كثير» ٧/٣٦٤، «شرح الطحاوية» ٢/٤٥١، وانظر كلام الشيخ محمد بن صالح العثيمين على هذه الآية في دروس التفسير.
(٢) أخرجه البخاري في الزكاة ١٤١٩، ومسلم في الزكاة ١٠٣٢، وأبوداود في الوصايا ١٨٦، والنسائي في الزكاة ٢٥٤٢، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>