للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد هذا العرض يظهر لي - واللَّه أعلم - أن القول الأول القائل بصرف ريع الوقف للفقراء من أقارب الواقف، فإن لم يكن فعلى مصالح الواقف هو القول الراجح. وذلك أن القصد بالوقف الثواب الجاري على الواقف على وجه الدوام فيجب علينا مراعاة جانب الواقف في صرف وقفه في أفضل القربات، فتعين اعتبار الحاجة والمصلحة، لأن سد الحاجات، والقيام بالمصالح أهم الخيرات، فإذا كان من أقاربه من هو من أهل الحاجة تعين تقديمه، لأن أقارب الشخص أولى الناس بزكاته وصلاته (١) ، لما سبق من الأحاديث، ثم على المصالح إذا لم نجد مصرفاً من جهة شرط الواقف ولا من جهة إرادته، ومن المصالح صرفها على العلم، وما يتعلق بنشره، واللَّه أعلم.

المبحث الثالث: السبل الشرعية للحث على تحبيس الأموال على دور العلم، ومنها الجامعات (٢)

إعادة الوقف إلى سابق عهده من تحبيس الأموال على العلم، وأربطته، ومشايخه وطلابه، وكل ما يتعلق بنشره، فإني أرى أن لذلك عدة طرق، منها ما هو في ميدان الدعوة، ومنها ما هو في ميدان السياسة والحكم، ومنها ما هو في ميدان الاقتصاد.

المطلب الأول: في ميدان الدعوة:

ولبلوغ ذلك في ميدان الدعوة، سبل منها ما يلي:

السبيل الأولى: نشر الوعي الديني بين أفراد الأمة:

فمن أهم السبل في سبيل عودة الأمة للاهتمام بالوقف على العلم، وما يتعلق به نشر الوعي الديني بين عامة الناس في فضل الإنفاق في سبيل اللَّه، والتنافس في ذلك طلباً لمرضاة اللَّه، ثم تخصيص الوقف على العلم بمزيد من ذلك، إحياءً لهذه السنة، وبيان ما يجتمع في الوقف على العلم من أنواع الأجر، وما يتميز به من ميزة الديمومة، وبيان فضل الإنفاق حال الصحة، وأن لا يمهل الإنسان حتى إذا أعياه المرض، وأعجزه الكبر قال: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان كذا.


(١) ... انظر: المغني ٨/٢١٣.
(٢) ... ينظر: أسباب انحسار الوقف في العصر الحاضر وسبل معالجته ص٢٦-٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>