تتابع المسلمون في أزمان طويلة إلى المسارعة في البذل قياماً بواجب التكافل والتآزر، وسد خلة المحتاج ونشر العلم، ورفع الجهل عن الأمة، إلا أنه ظهر من خلال التطبيق لهذه السنة الحسنة بعض المعوقات، وقد وجد لها في كل عصر ومصر، جهابذة وفوا للأمة حقها في حل تلك المشكلات، مراعين حال أزمانهم، وأهل أزمانهم، مقدمين مافيه جلب المصالح، ودفع المفاسد، فعلى هذه المجامع أن تنظر فيما يخص الوقف على العلم وكيف الإفادة من الأوقاف الموجودة، وسبل دفع الناس على التحبيس على العلم.
وقد وجدت للأوقاف مشاكل كثيرة، ومسائل شائكة، وأمور تحتاج إلى تجديد بما يناسب حال الناس اليوم، ويجد من الأقضية، فعلى المجامع الفقهية القيام بما يمليه التكليف الشرعي.
وأن تتولى المبادرة إلى بحث هذه المشكلات، وإيجاد المخرج الشرعي لها.
السبيل الرابعة: بث سير أهل الخير من أهل المسارعة:
ومما هو مفيد في نظري في بعث هذا الجانب بث سير أهل الخير ممن عرف عنهم المبادرة في الإنفاق ابتغاء وجه اللَّه، من الصحابة، والتابعين وأتباعهم، وخصوصاً ما يتعلق بالإنفاق على العلم، وقد تقدم شيء من نماذج ذلك (١) . رفعاً لذكرهم، وشحذاً للهمم في اللحاق بهم.
المطلب الثاني: في ميدان السياسة والحكم
السبيل الأولى: وجوب تطبيق الشريعة الإسلامية:
تمنع الأنظمة الوضعية المعمول بها في أكثر البلاد الإسلامية من إنشاء الوقف بصورته المعهودة في الشرع.
وقد كان هذا سبباً جوهرياً لانحسار الوقف، وخصوصاً الوقف على العلم، وكان من نتيجة ذلك أن حرمت تلك البلدان خيراً وفيراً، ونبعاً زلالاً، ورافداً مهماً من روافد العطاء.
ولا مخرج من هذا إلا بالعودة إلى تحكيم شرع العزيز الحكيم، والعودة إلى ذلك كفيلة بإعادة الوقف إلى سالف عهده المجيد؛ إذ هو أحد روافد العطاء في سائر المجالات، وخصوصاً مجالات العلم.