للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما يحرم عندهم مس المصحف بعود، أو قضيب، ونحوه، معللين لذلك: بأنه بمنزلة اللمس باليد عرفًا، لاتصال العود ونحوه باليد فيأخذ حكم اليد ذاتها (١) .

واشتد نكير المالكية على تقليب أوراق المصحف الكامل، أو بعضه بأطراف الأصابع المبللة بالريق والبصاق، حتى قال ابن العربي عن ذلك: (إنا لله على غلبة الجهل المؤدي إلى الكفر) (٢) .

والذي يظهر لي أن هذا محل نظر؛ لأن المقلب لأوراق المصحف بشيء من ريقه إنما قصد الاستعانة بالريق على سهولة التقليب لا إهانة المصحف بتلطيخه بالبصاق والريق، فإن قصد ذلك فهو محل التحريم الذي قد يبلغ بصاحبه الكفر عياذًا بالله.

ولذا نص فقهاء الحنفية والشافعية على جواز محو كتاب القرآن من المصحف أو اللوح بالريق إن لم يقصد الإهانة. فقال في الدر المختار: (ومحو بعض الكتابة بالريق يجوز) (٣) .

وقال القليوبي: (ويجوز ما لا يشعر بالإهانة كالبصاق على اللوح لمحوه؛ لأنه إعانة) (٤) .

مذهب الشافعية:

ذهب الشافعية إلى أنه يحرم تقليب أوراق المصحف بعود، أو خشبة ونحوها على الأصح معللين بأنه نقل للورقة فهو كحملها.

والقول الآخر: أنه يصح. وبه قطع العراقيون، ورجحه النووي في الروضة وذلك لأنه غير مباشر للمس، ولا حامل للمصحف (٥) .


(١) انظر: عقد الجواهر الثمينة، ١/٦٢، الذخيرة، ١/٢٣٧، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، ١/١٢٥؛ الشرح الصغير، ١/٢٢٣، أسهل المدارك، ١/١٠٠.
(٢) حاشية البناني على الزرقاني على خليل، ١/٩٣، حاشية العدوي على الخرشي، ١/١٦٠.
(٣) الدر المختار مع حاشيته لابن عابدين، ١/٣٢٢.
(٤) حاشية قليوبي وعميرة على شرح منهاج الطالبين، ١/٣٦؛ تحفة الحبيب على شرح الخطيب، ١/٣٢٧.
(٥) انظر: المجموع، ١/٧٤؛ روضة الطالبين، ١/١٩٠؛ مغني المحتاج، ١/٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>