للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - أن العفو مندوب إليه، فإذا حضر الموكّل احتمل أن يرحم الجاني فيعفو (١) - أي فيما للعفو فيه أثر أمَّا ما ليس للعفو فيه أثر كحد الزنا والسرقة - فلم تستقم هذه الحجة.

٤ - أنه إذا كان لايحتمل العفو والصلح فيحتمل الإقرار والتصديق - أي يحتمل أن يقر المقذوف بما قذفه به أو يصدقه فيسقط عن القاذف الحد، وهذه الشبهة لايجوز معها التوكيل باستيفاء الحد مع غياب الموكل (٢) .

٥ - أنه ليس كل أحد يحسن الاستيفاء إمَّا لقلة هدايته، أو لأن قلبه لايحتمل ذلك، فلو منع التوكيل بالاستيفاء لانسد باب الاستيفاء فجاز التوكيل في حضوره استحساناً لئلا ينسد باب الاستيفاء (٣) .

بخلاف حال غياب الموكّل.

ونوقشت هذه الأدلة بما يلي: بالنسبة لاحتمال العفو فهو بعيد، والظاهر أنه لو عفا لبعث وأعلم وكيله بعفوه، والأصل عدمه، ألا ترى أن قضاة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانوا يحكمون في البلاد، ويقيمون الحدود التي تدرأ بالشبهة مع احتمال النسخ.

وكذلك لم يحتط في استيفاء الحدود بإحضار الشهود مع احتمال رجوعهم عن الشهادة أو تغير اجتهاد الحاكم (٤) .

القول الثاني: يجوز التوكيل باستيفاء الحدود مع حضور الموكِّل وغيابه، وهو قول بعض الحنفية (٥) ، وهو مذهب مالك (٦) ، وقول عند الشافعية، قال في الحاوي: وهو أصحهما (٧) ، وهو قول عند الحنابلة، ونص عليه أحمد (٨) .

واستدلوا بما يلي:

١ - أن ما جاز استيفاؤه في حضرة الموكِّل جاز في غيبته كسائر الحقوق (٩) .


(١) انظر: مغني المحتاج ٢/٢٢١، والمغني لابن قدامة ٧/٢٠٣، والحاوي ٦/٥١٧.
(٢) بدائع الصنائع ٦/٢١.
(٣) تكملة فتح القدير ٨/٨.
(٤) المغني ٧/٢٠٣، ومغني المحتاج ٢/٢٢١.
(٥) بدائع الصنائع ٦/٢١، وتبيين الحقائق ٤/٢٥٥.
(٦) الذخيرة للقرافي ٨/٦.
(٧) الحاوي ٦/٥١٧، ومغني المحتاج ٢/٢٢١.
(٨) المغني ٧/٢٠٣.
(٩) المغني ٧/٢٠٣، والحاوي ٦/٥١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>