للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجهه: أن الدعوى والإنكار شرط قبول البينة فكما أن انعدام الدعوى يمنع قبول البينة فكذلك انعدام الإنكار، ولايتحقق ذلك - أي الإنكار - إلاَّ من خصم حاضر أشبه القضاء على الغائب (١) .

ونوقش: بعدم التسليم بأنه قضاء على غائب، ذلك أن الوكالة حق للموكل وعليه، وليس للخصم فيها حق ولا عليه فيها حق، بدليل أنه لايثبت له بحضور الوكالة حق، ولايثبت عليه حق (٢) .

ورُدَّ: بأن البينة إنَّما سميت بذلك لكونها مبنية في حق المنكر، وذلك لايتحقق إلاَّ بمحضر من الخصم (٣) ، ومع هذا فقد قال الحنفية: إذا قبل القاضي البينة بغير خصم حاضر، وقضى بها جاز قضاؤه؛ لأنه قضى في فصل مختلف فيه فيكون القاضي قد أمضى فصلاً مجتهداً فيه باجتهاده فلهذا لايفسد قضاؤه (٤) .

القول الثاني: أن البينة على الوكالة في الخصومة تقبل من غير حضور الخصم، وبهذا قال المالكية (٥) ، والأصح عند الشافعية (٦) ، والحنابلة (٧) ، وابن أبي ليلى (٨) .

واستدلوا بما يلي:

١ - خبر علي - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فقد وكل عقيلاً وعبد الله بن جعفر ولم يكن عند توكيله إياهما خصم، وهذه حالة مشهورة في الصحابة وكل أقر عليها ولم يخالف فيها (٩) .

٢ - أنه موكّل في حق نفسه فلم يعتبر حضور الخصم كالوكالة في استخراج الديون.

٣ - ولأنه توكيل فوجب أن يتم بالموكل والوكيل كالتوكيل في العقود.

٤ - ولأن ما تنعقد به الوكالة في العقود تنعقد به في مطالبة الخصوم كوكالة المريض والمسافر.

٥ - ولأنه توكيل لم يشترط فيه رضا الخصم فلايشترط فيه حضوره، وأصله إذا أقر بالوكالة أو وكل عند حاكم.


(١) المبسوط ١٩/١١.
(٢) الحاوي ٦/٥٠٨.
(٣) المبسوط ١٩/١١.
(٤) المبسوط ١٩/١١.
(٥) مواهب الجليل ٧/١٦٥.
(٦) الحاوي ٦/٥٨، والعزيز ١٣/٢٠٣.
(٧) المغني ٧/٢٥٨، والفروع ٤/٣٤٩.
(٨) المبسوط ١٩/١١.
(٩) الحاوي ٦/٥٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>