ثالثاً: أن التضامن العربي الأفريقي ليس عملية مقايضة للتأييد السياسي بالدعم المالي أو الأقتصادي، بل هو تعاون متبادل تتشابك وتتداخل فيه أوجه التعبير بين تأييد سياسي أفريقي للعرب يقابله - بل يسبقة تاريخياً - تأييد سياسي عربي لأفريقيا، وبين إمكانيات اقتصادية ومالية عربية يمكن أن تستفيد منها أفريقيا، يقابله إمكانيات اقتصادية أفريقية يمكن أن تستفيد منها العالم العربي.
رابعاً: إن الموقف الأفريقي تجاه القضية الفلسطينية - كما اتضح - موقف غير متماسك تتخلله تيارات عديدة تسير في الاتجاه المعاكس للتضامن العربي الأفريقي، وتيارات تحاول أن تستفيد مادياً من هذا الموقف، ولهذا نلاحظ تذبذب مواقف دول هذه التيارات في الأمم المتحدة أثناء التصويت على القرارات الخاصة بالقضية الفلسطينية، وهذه التيارات - هي التى تناولها التحليل السابق - تمثل اقلية من الدول الافريقية، ولذا فهي لا تملك القدرة في التأثير على الاتجاه العام للموقف الافريقي المؤيد للقضية الفلسطينية.
وقد اثبت البحث صحة هذه الحقيقة التى تجلت في استمرار هذا الموقف حتى بعد عملية السلام المصرية - الاسرائيلية، التى انعكست آثارها على مواقف الدول التي تسود فيها تلك التيارات وخاصة تلك المسماه بتيارات التحفظ الاستراتيجي فقد اعادت احدي هذه الدول (زائير) علاقاتها الدبلوماسية مع اسرائيل على أثر انسحاب الجيوش الاسرائيلية من شبه جزيرة سيناء المصرية وعللت بأن قرار قطع العلاقات مع اسرائيل عام ١٩٧٣ كان مبنيا على أساس التضامن مع دولة عضو في منظمة الوحدة الافريقية احتلت جزءاً من اراضيها، ولما كانت اسرائيل قد انسحبت منها فلم يعد هناك مبرر لاستمرار قطع العلاقات معها.