للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك كأن يقول أقر عني بكذا ونحوه، فأمَّا التوكيل بالإقرار بشيء مجهول مثل أن يقول: وكلتك لتقر عني وسكت، أو وكلتك لتقر عني بشيء، ونحو ذلك، فهذا لايصح، وبهذا قال الشافعية.

قال الماوردي: (فإذا وكله في الإقرار عنه، فإن لم يذكر القدر الذي يقر به ويصفه لم يصح التوكيل فيه، ولم يكن إقراره لازماً للموكل، وإن ذكر قدره وصفته ففيه لأصحابنا وجهان) (١) .

فلم يختلف الشافعية أنه إذا لم يذكر القدر والصفة أن التوكيل لايصح، وإنَّما النزاع بينهم فيما إذا كان معلوماً قدره وصفته.

وقال النووي: وإذا صححنا التوكيل - يعني في الإقرار - فينبغي أن يبين الوكيل جنس المقرّ به وقدره فلو قال: أقر عني بشيء فأقر أخذ الوكيل (٢) بتفسيره، ولو اقتصر على قوله: أقر عني لفلان فوجهان، أحدهما: كقوله: أقر عني بشيء، وأصحهما: لايلزمه شيء بحال لاحتمال أن يريد الأقرار بعلم أو شجاعة لا بمال) (٣) .

ومذهب الحنابلة في هذا قريب مِمَّا ذكره الشافعية ففي الفروع قوله: وذكر الأزجي يعتبر تعيين ما يقر به، وإلاَّ رجع في تفسيره إلى الموكل (٤) .

وفي الإقناع وشرحه: (( (ولابد من تعيين)) الموكِّل ((ما يقر به)) وكيله عنه ((وإلاَّ)) بأن قال: وكلتك في الإقرار لزيد بمال أو شيء فأقر كذلك ((رجع في تفسيره إلى الموكِّل)) ؛ لأنه أعلم بما عليه) (٥) .

وظاهر هذا الكلام أن الوكالة لاتبطل إذا لم يبين ما يقر به إذ لو بطلت لم يرجع إليه في تفسيره والله أعلم.

ولم أجد في كتب الحنفية والمالكية ما يفيد اعتبار هذا الشرط أو عدم اعتباره.


(١) الحاوي للماوردي ٦/٥١٥.
(٢) في بعض النسخ: (الموكل) .
(٣) روضة الطالبين ٤/٢٩٢ وما بعدها.
(٤) الفروع ٤/٣٦٢.
(٥) الإقناع وشرحه كشاف القناع ٣/٤٦٣، وما بين الأقواس هو متن الإقناع.

<<  <  ج: ص:  >  >>