للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما ذكره المالكية له وجاهته إذ لا فائدة في حضور الوكيل وهو ممنوع الإقرار والإنكار إلاَّ أن تطول مدة الخصومة فإذا لم يكن الموكل حاضراً مجلس القضاء أو قريباً منه لم يكن في التوكيل فائدة كبيرة ترجى، وهذا يضر بالطرف الآخر فله أن يمتنع من مخاصمة الوكيل حتى يجعل له موكله الإقرار أو الإنكار، والله أعلم.

المبحث الثاني: قبض وكيل الخصومة المال

الذي وكل بالمخاصمة فيه

اختلف الفقهاء - رَحِمَهُمُ اللهُ - في وكيل الخصومة هل له القبض أو لا؟، على قولين:

القول الأول: أن الوكيل بالخصومة في المال وكيل بقبضه، وبهذا قال أئمة الحنفية الثلاثة (١) .

واستدلوا بما يلي:

١ - أنه لما وكله بالخصومة في مال فقد ائتمنه على قبضه؛ لأن الخصومة فيه لاتنتهي إلاَّ بقبضه فكان التوكيل بها توكيلاً بالقبض.

٢ - القياس على الوكيل بتقاضي الدين فإنه يملك القبض في ظاهر الرواية؛ لأن حق التقاضي لاينقطع إلاَّ بالقبض فكان التوكيل به توكيلاً بالقبض (٢) .

القول الثاني: أن وكيل الخصومة لايملك القبض، وبه قال زفر من الحنفية، وهو قول المتأخرين منهم قال في البدائع: (إلاَّ أن المتأخرين من أصحابنا قالوا: إنه لايملك في عرف ديارنا؛ لأن الناس في زماننا لايرضون بقبض المتقاضي كالوكلاء على أبواب القضاة لتهمة الخيانة في أموال الناس) (٣) .

وبهذا قال الشافعية (٤) والحنابلة (٥) .

واستدلوا بما يلي:

١ - أن القبض لايتناوله الإذن نطقاً ولا عرفاً إذ ليس كل من يرضاه لتثبيت الحق يرضاه لقبضه (٦) .


(١) الفتاوى الهندية ٣/٦٢٠، وبدائع الصنائع ٦/٢٤.
(٢) بدائع الصنائع ٦ِ/٢٥، وأدب القاضي للحصاف وشرحه لأبي بكر الرازي ٣٢٩.
(٣) بدائع الصنائع ٦/٢٥.
(٤) الحاوي ٦/٥٠٠، والعزيز ٥/٢٣٠ وما بعدها.
(٥) الكافي لابن قدامة ٣/٣١٤ تحقيق: د. عبد الله التركي.
(٦) المرجع السابق والمغني ٧/٢١١، وأدب القاضي للخصاف وشرحه ٣٢٩ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>