فالمالكية إذن لم يضعوا للجنون حداً معلوماً ينتهي إليه.
* * *
الخاتمة:
وبعد: لقد توصلت من خلال هذا البحث إلى نتائج أهمها:
تميز التشريع الإسلامي في شأن التوكيل بالخصومة، إذ تعد نوع من أنواع التعاون على البر والتقوى الهدف منها معاونة صاحب الحق لاستعادة حقه، ورد الباطل.
الوكالة بوجه عام الأصل فيها الجواز، وقد تنتظمها الأحكام الخمسة، وكذا التوكيل بالخصومة سواء كان الموكل المدعي أو المدعى عليه.
ينبغي التحرز عن الخصومة قدر الإمكان، ولصاحب الحق المطالبة بحقه سواء بنفسه أو بوكيله.
يجوز التوكيل بإثبات حقوق الله - عَزَّ وَجَلَّ - سواء كانت مِمَّا لايحتاج في إثباته إلى خصومة كحد الزنا والشرب، أو كانت مِمَّا يحتاج إلى خصومة كحد السرقة والقذف.
يجوز التوكيل في استيفاء الحدود سواء كان الموكِّل حاضراً أو كان غائباً.
يجوز التوكيل في حقوق الآدميين، سواء كان الحق قصاصاً فيوكل في إثباته واستيفائه، أو كان حقاً مالياً غيره، وسواء رضي الخصم أو لم يرض وفي حال حضوره وغيابه.
من شروط الوكالة بالخصومة أن تثبت الوكالة عند القاضي.
إذا وكل بالخصومة عند القاضي فلابد من الإشهاد على وكالته من يعرف اسمه ونسبه سواء عرفه القاضي أو لم يعرفه.
إذا ادّعى شخص أن غائباً وكله بالخصومة ولم يكن أثبت وكالته عند القاضي فلابُد من إثبات الوكالة قبل سماع الدعوى ولايشترط لإثباتها حضور الخصم.
تثبت الوكالة بشهادة رجلين بلا نزاع، وتثبت بشهادة رجل وامرأتين فيما يتعلق بالأموال كالتوكيل في المطالبة بالمال، ولايقبل فيما عدا ذلك إلاَّ رجلان عدلان، ولاتثبت بإقرار الخصم أو بتصديق الخصم للوكيل.
لايصح التوكُّل في الخصومة عن المبطل إذا علم أو ظن كونه مبطلاً بقصد إعانته على باطلة أمَّا إذا قصد من الوكالة عنه إظهار باطلة ورده عنه، وإيصال الحق إلى مستحقه فيجوز، والله أعلم.