ج – ما جمعه علماء السيرة ورواتها الأوائل, من أمثال عروة بن الزبير ت:(٩٣هـ) , ومحمد بن مسلم الزهري ت:(١٢٤هـ) , وموسى بن عقبة ت:(١٤١هـ) , وابن إسحاق ت:(١٥١هـ) , وأضرابهم, وكذا ما دُوِّن في المصادر التاريخية العامة من الحوادث والتراجم, وهذا النوع يحتاج إلى نقد وتمييز لمعرفة الصحيح من غيره قبل أن نأخذ الدرس التربوي والعبرة من الحدث, وقبل الاستدلال به على الحكم الشرعي. والمنهج المتبع في نقد الروايات التاريخية هو منهج المحدثين, لكن النتيجة قد تختلف من رواية إلى أخرى بحسب مضمون الرواية, وما يتعلق بها من أحكام, فإذا كانت الرواية متعلقة بحكم شرعي أو أدب نبوي, فلا بد من اتباع منهج المحدثين وشروطهم في الرواية الصحيحة والحسنة, أما إذا كانت الرواية متعلقة بأخبار ليست من هذا النوع – كتاريخ الحدث أو مكانه أو عدد المشاركين فيه أو أسمائهم أو ما يكون من أخبار التاريخ والحضارة – فإنه يتساهل في قبول الرواية حتى ولو لم تستجمع شروط القبول (٤) . وهذا منهج سائغ وطريقة مسلوكه حيث يتشدد العلماء في الاستدلال على الفرائض وأحكام الحلال والحرام ويتساهلون في رواية ما لا يرفع حكما أو يضعه من أحاديث الترغيب والترهيب والقصص والمواعظ (٥) . كما أن نقد المتن هو خطوة نقدية بعد نقد السند, وهي مشتركة بين المحدثين والمؤرخين ويستطيع الباحث إذا أتقنها وتمرس بها تمييز الروايات الصحيحة من غيرها.