للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نشأت جدة على شاطئ بحر شديد الملوحة، هو البحر الأحمر، وليس بها عيون جارية، ولا أنهار متدفقة (٩) ، ومياهها الجوفية قريبة من سطح الأرض كما سبق ذكره إذ يمكن الوصول إليها على عمق نصف متر في بعض الأماكن؛ إلا أنه تشوبها الملوحة، لتشبّع تربتها بماء البحر؛ مما يعني أن على سكانها البحث عن مصدر للماء، فهو السبيل الوحيد لحياتهم؛ ولذا لجأ سكان جدة إلى حفظ مياه الأمطار في خزانات، ونقل مياه الآبار البعيدة، ثم اتجهوا إلى جلب مياه العيون عبر القنوات منذ نهاية القرن الحادي عشر للهجرة (١٧م) .

وقد أدرك المؤرخون والرحالة هذه الحقيقة، وهي خلو جدة من مياه عذبة جوفية أو واردة تعين أهلها على الحياة (١٠) . ولعل في الوصف التالي مايوضح طريقة سكان جدة في مواجهة مشكلة نقص المياه عند نشأة المدينة؛ فقد ورد أنها " بلدة قديمة على ساحل البحر: يقال إنها من عمارة الفرس، وبخارجها مصانع قديمة، وبها جباب للماء منقورة في الحجر الصلد يتصل بعضها ببعض تفوت الإحصاء كثرة (١١) ." وورد أن بجدة آثاراً قديمة تدل على قدم اختطاطها، وأنها كانت مدينة كبيرة منذ زمن الفرس، وسكنها سلمان الفارسي وأهله، وقد وُفِّر الماء لسكان المدينة من خلال بناء ثمانية وستين صهريجا داخل المدينة وبنوا بظاهرها مثلها، ويقال: إن العدد كان ثلاثمائة داخلها، ومثل ذلك خارجها " (١٢) .

وبناءً على ماسبق فقد اعتمد أهل جدة على المصانع والجباب والصهاريج لتوفير المياه العذبة، وهذا يشير إلى احتمال اعتمادهم على مصدرين في حصولهم على الماء: المصدر الأول حفظ مياه الأمطار في الخزانات، أما الثاني فهو الاعتماد على مياه الآبار؛ ويؤيد ذلك عرض التعريفات التالية:

<<  <  ج: ص:  >  >>