للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.. وقد كان للعرب القدماء جهود مشكورة في الدرس الصوتي تنم عن فهم مبكر دقيق لطبيعة الصوت اللغوي، كما تدل على معرفة تامة بالجهاز النطقي وأعضائه. فقد عكفوا على دراسة أصوات لغتهم، وتمكنوا من وصفها وصفاً دقيقاً، ووضعوا القواعد والقوانين لتلك الأصوات وخصائصها وعلاقاتها مع بعضها البعض. يتضح ذلك فيما فعله أبو الأسود الدؤلي من نقط الإعراب بملاحظته الذاتية، وما قدمه الخليل بن أحمد من تقسيم لأصوات اللغة، وتحديد مخارجها معتمداً على حسه الصوتي، فقد "نظر إلى الحروف كلها وذاقها فوجد مخرج الكلام كلّه الحلق، فصيّر أولاها بالابتداء أدخل حرف منها في الحلق، وإنما كان ذواقه إياها أنه كان يفتح فاه بالألف ثم يظهر الحرف نحو: ابْ، اتْ، احْ، اعْ، اغْ فوجد العين أدخل الحروف في الحلق فجعلها أول الكتاب (٣) " وهو يتحدث عن الحروف ويقصد بها الأصوات فيقول: "في العربية تسعة وعشرون حرفاً: منها خمسة وعشرون حرفاً صحاحاً لها أحياز ومدارج، وأربعة جوف، وهي الواو والياء والألف اللَّينة والهمزة، وسميت جوفاً لأنها تخرج من الجوف فلا تقع في مدرجة من مدارج اللسان ولا من مدارج الحلق ولا من مدارج اللهاة (٤) ".

<<  <  ج: ص:  >  >>