ومن الخصائص الصوتية للهاء أنها صوت أساسي من ضمن الأصوات التي تعرف بالأصوات الانفعالية Interjections، التي هي عبارة عن أصوات قصيرة تعبّر عن التوجع والدهشة أو الألم أو ما إليها من الوجدانات العابرة، وهي شائعة في جميع اللغات قيل: آه، وي، أواه، ها، هيا، واه، واه، أوه (١٢٦) ، هذه الصرخات الانفعالية والصيحات الفطرية التي استخدمها الإنسان في بداية حياته، وشاعت في لغته كانت سبباً جعل بعض العلماء المحدثين يرون أنها الأساس الأول الذي استمدت منه اللغة الإنسانية نشأتها.
... وقد جاء صوت الهاء من أكثر الأصوات شيوعاً بين الأصوات الانفعالية، لأنه من أسهل الأصوات نطقاً لأن "الهاء نفس (١٢٧) " يحدث بواسطة الزفير الاعتيادي دون أن يستعمل الإنسان في نطقه أيّاً من اللسان أو الأسنان أو الشفتين، إنه هواء الزفير الخارج من الفم دون أي جهد، لذا يمكن القول أن هذا الصوت هو أساس الصيحات الانفعالية التي يصدرها الإنسان البدائي تلقائياً دون أدنى جهد أو تفكير.
ويوضح إبراهيم أنيس هذا الأمر عند تفسيره لنشأة اللغة من خلال هذه الصيحات الانفعالية فيقول: "وكذلك الحال حين يدهش المرء أو يفزع، يميل عادة إلى فغر فمه كما لو كان يتنفس بعمق، فإذا زفر هذا الهواء الذي تنفسه حين فغرفاه وجدنا الفم يميل إلى الاستدارة قليلاً، ومثل هذا الوضع للشفتين يولد لنا صوت اللين المسمى بالضمة، وهي حين تطول قد يتصل بها صوت يشبه الهاء. ويترتب على هذا أن تنشأ تأوهات مثل oh، وهو الصوت الذي نسمعه عادة من جمهور المتفرجين حين يفاجأون بمنظر بالغ الدهشة أما في حالة الألم فتتقلص أعضاء الجسم كلها بما في ذلك الوجه، مما يترتب عليه أن الشفتين تأخذان الوضع المناسب لصوت اللين "a " أي الفتحة، ويؤدي هذا إلى صوت مثل ah أو ach" (١٢٨) .