للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تأتي "هاء" مفردة في بعض استعمالاتها العربية، وتعد في هذه الحالة اسم فعل أمر بمعنى خذ (١٧٣) وهاء حرف يستعمل للمناولة، ونقول: هاء وهاك مقصور فإذا جئت بكاف المخاطبة قصرت ألف "هاك"، وإذا لم تجىء بالكاف مددت فكانت المدة في "هاء" خلفا لكاف المخاطبة. ونقول للرجل: هاءَ، وللمرأة هائي، وللاثنين من الرجال والنساء: هاؤما، وللرجال هاؤم، وللنساء هاؤنّ يا نسوة، بمنزلة هاكنّ يا نسوة، ولم يجىء شيء في كلام العرب يجري مجرى كاف المخاطبة غير هذه المدة التي في وجوهها (١٧٤) . وقد تلحق "هَ" ها سكت لتصبح "هَهْ" فتدل على معان مختلفة، قال الليث: هَهْ تَذَكُّر في حال وتحذير في حال أخرى، فإذا مددتها كانت وعيداً في حال، وحكاية لضحك الضاحك في حال، نقول: ضحك فلان فقال: هاه هاه (١٧٥) . فهي قد تكون اسم فعل، للتذكر أو التحذير أو الوعيد، كما أنها قد تكون اسم صوت لحكاية الضحك، ومن هذا القبيل تأتي "هاءِ" لزجر الإبل ودعاء لها، وهو مبني على الكسر إذا مددت وقد يقصر، تقول: ها هيت بالإبل إذا دعوتها (١٧٦) .

وزعم بعض العلماء أن الهاء قد تأتي لإفادة المبالغة، وهو ما أشار إليه ابن منظور عند حديثه عن معنى الجَذعَمة فقال "الجذعمة: الصغير. وفي حديث علي: أسلم أبو بكر رضي الله عنهما، وأنا جذعمة، وأصله جذعة، والميم زائدة، أراد: وأنا جذع أي حديث السن غير مدرك، فزاد في آخره ميماً، كما زادوها في سُتْهُم العظيم الاست وزرقم الأزرق، وكما قالوا للابن ابنم، والهاء للمبالغة (١٧٧) . والهاء هنا للمبالغة كما في صيغ "علامة ونسّابة وفهّامة، وقد نسب ابن يعيش شيئاً مثل هذا إلى بعض اللغويين عند شرحه للشاهدين النحويين:

فَهَيّاكَ والأمر الذي إن توسَّعَتْ

مَوارِدُهُ ضاقَتْ عليكَ مَصادِرَهْ

وقول الآخر:

فانْصَرَفَتْ وهيَ حِصانُ مُغْضَبَةْ

ورَفَعَتْ بصَوْتِها هَيّا أبَهْ

<<  <  ج: ص:  >  >>