للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: وذاك النَّشر نشرُ عِرْضِك؛ وذلك لأنَّه أعرب (ذاك) مبتدأ، و (ذا) اسم ذات، أي " جوهر "، ولكنَّه لمَّا أعرب (النَّشر) صفةً له أصبح " عَرَضًا "، وعليه لم يعد يصلح أن يُخبر عنه ب (عِرْضُك) لأنَّه اسم ذات " جوهر "؛ ولذا قدَّر مضافًا محذوفًا قبل (عِرْضك) ، وقال: " هذا إن عنى ب (العِرْض) الأنا والذَّات؛ لأنَّها جواهر، و (النَّشر) عَرَض، فلا يُخبر عن العَرَض بالجوهر؛ فلذلك احتجنا إلى تقدير المضاف ... وإن جعلت (العِرْض) هنا المجد وسائر أنواع الفضائل لم يحتج إلى حذف المضاف؛ لأنَّ النَّشر والمجد كلاهما ليس بجوهر " (١) ، ويصرِّح بأنَّه استنتج هذا الحكم من تقدير سيبويه لقول الله تعالى:

(ولكنَّ البرَّ من آمنَ بالله ( [البقرة ١٧٧]

حيث إنَّه قدَّرها ب: ولكنَّ البرَّ برُّ مَنْ آمن (٢) ، ويقول: “ لأنَّ (البرَّ) عَرَض، و (مَنْ آمنَ بالله) جوهر، فقدَّر مضافًا ليُخبر عن العَرَض بالعَرَض " (٣) ، واستنتاجه هذا موافقٌ لرأي الجمهور (٤)

المسألة الثَّالثة: مجيء الخبر جملةً فعليَّة

وهذا يُستنتج من إعرابه (٥) جملة (حُرِمْتُ ذواتِها) خبرًا عن (محاسنُه) في قول المتنبِّي:

سِرْبٌ مَحَاسِنُهُ حُرِمْتُ ذَوَاتِهَا دَانِي الصِّفَاتِ بَعِيدُ مَوصُوفَاتِهَا (٦)

وقد ذكر هذا أيضًا عند شرحه (٧) لقول المتنبِّي:

وَالمَدْحُ لابنِ أبي الهَيجَاءِ تُنجِدُهُ بِالجَاهِليَّةِ عَينُ العَيِّ والخَطَلِ (٨)

فقد أعرب جملة (تنجده) خبرًا عن المبتدأ (المدحُ) ، والقول بمجيء الخبر جملةً فعليَّة موافقٌ لقول الجمهور (٩) .

المسألة الرَّابعة: مجيء الخبر جملةً اسميَّة

فهو كما أعرب الجملة الفعليَّة خبرًا، أعرب الجملة الاسميَّة أيضًا خبرًا؛ وذلك عند شرحه لقول المتنبِّي:

ثُمَّ غَدَا قِدُّهُ الْحِمَامُ وَمَا تَسلَمُ مِنْهُ يَمِينُ مَصْفُودِ (١٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>