يبدو أن وصول مياه العين لسقيا جدة لم يستمر طويلا؛ لأنه في سنة ١١٣٥هـ / ١٧٢٢م أي بعد مايقرب من أربعين عاما على إنشائها انقطعت مياه العين، وظهرت الحاجة إلى إصلاحها؛ فأمر علي باشا (والي جدة) بتوجيه المعلمين للحفر حول مسار القناة لمعرفة الخلل وإصلاحه، وطلب شراء (برابخ) لاستخدامها في أعمال الإصلاح، فحصل على مائتي (٣٤) بربخ. ويحتمل أن خراب القناة نتج من الحريق الذي شب في مدينة جدة سنة ١١٣٣هـ/١٧٢٠م، ووصف بأنه كان ضخما بدأ من باب مكة، وشمل عدة حارات وأدى إلى وفاة ثمانين شخصا (٣٥) ، ويؤيد هذا الاحتمال أن المدة الزمنية بين وقوع الحريق وإصلاح القناة قصيرة جدا لاتتجاوز السنتين، كما يبدو أن الخلل وقع في منطقة توزيع المياه، فالبرابخ تكون في العادة من الفخار (٣٦) ، ويظهر من عددها البالغ مائتي بربخ مايدل على أن المسافة التي تم إصلاحها لم تكن كبيرة، وذلك مقارنة ببعد موقع العين في وادي قوز عن داخل البلد (٣٨)(خارطة رقم١) .
وفي سنة ١١٧٦هـ / ١٧٦٢م زار نيبور (Neibuhr) جدة، وأشار إلى أن المياه تخزن قرب الينابيع في التلال، ثم تنقل إلى البيوت على ظهور الجمال (٣٧) ، مما يدل على أن قناة المياه كانت معطلة في ذلك الوقت أي بعد نحو ٤١ سنة من إصلاحها. فهي مدة قصيرة تجعلنا نتساءل عن الأسباب التي أدت إلى تعطلها عن أداء وظيفتها؟ وبالرجوع إلى ما توافر لنا من مصادر - في الوقت الحاضر - لانجد تعليلا لذلك، إلا أنه يمكننا احتماله بالمقارنة بأهم أسباب تعطل قنوات المياه في مكة المكرمة، حيث أشارت وثيقة إلى ذلك بما يلي (٣٨) .
إن قنوات المياه تحوي فتحات لتسهل للبدو المجاورين أخذ ما يحتاجونه منها لسقياهم وسقيا مواشيهم، وكانوا يعمدون إلى تخريب القناة لمجرد جهلهم، علاوة على أن هذه الفتحات كانت تسهل وقوع المواشي إلى داخل القناة مما يؤدي إلى انسدادها وفساد الماء.