للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَأَنَّما عِيسَى بنُ مَريَمَ ذِكرُهُ وكَأَنَّ عَازَرَ شَخْصُهُ المقْبُورُ (١)

فقال: " وترك صرف (عازرَ) لأنَّه أعجمي " (٢) ، ويعني بترك الصَّرف عدم التَّنوين؛ لأنَّ الاسم هنا مستحقٌّ له، ولكنَّه لم يُنوَّن للعلميَّة والعُجمة، وهذا هو رأي الجمهور فيه (٣) .

وبهذه المسألة أكون قد أتيت على المسائل النَّحويَّة الَّتي صرَّح ابن سِيْدَه برأيه فيها خلال شرحه لمشكل شعر المتنبِّي، والَّتي أكَّدت على أنَّ الرَّجل لم يكن في النَّحو بأقلَّ ممَّا هو عليه في اللُّغة، وقد صدق حين أشاد بنفسه ذاكرًا اهتماماته الأدبيَّة والفلسفيَّة واللُّغويَّة والمنطقيَّة قائلاً: " إنِّي أجد علمَ اللُّغة أقلَّ بضائعي، وأيسر صنائعي إذا أضفته لما أنا به من علم حقيق النَّحو، وحوشي العروض، وخفي القافية، وتصوير الأشكال المنطقيَّة، والنَّظر في سائر العلوم الجدليَّة " (٤) .

أمَّا عن أهم سمات منهجه في تلك المسائل؛ فالَّذي ظهر منها مجرَّد إشارات، ولكن يمكن عدُّها علامات على أمورٍ، من أهمِّها:

استطاعته أن يقدِّم آراءه النَّحويَّة بعباراتٍ سهلةٍ واضحة؛ لا لبس فيها، ولا غموض.

تأثُّره بآراء البصريين في الغالب الأعم، وخصوصًا سيبويه.

اتباعه مسلك البصريين في القياس؛ حيث إنَّه لم يستشهد إلاَّ بالشَّائع المعروف.

انتهاجه في العلَّة المنهج التَّعليمي الَّذي يُقصد به المتعلِّم في الدَّرجة الأولى.

وأخيرًا أرجو الله عزَّ وجلَّ أن أكون قد وفقت في أن أضيء جانبًا ولو كان محدودًا من جوانب علم النَّحو عند هذا العالم الكبير، وأن أكون بعرضي لتلك المسائل، وربطها بشعر المتنبِّي قد أضفت للدَّرس النَّحوي شواهد شعريَّة جديدة لأحد المولَّدين البارزين، كما أرجوه عزَّ اسمه أن يهيأ لكتب ابن سِيْدَه الأخرى مَن يجمع ما تناثر فيها من آرائه النَّحويَّة الأخرى، فإنَّها جديرةٌ بذلك، وعلى الله تعالى قصد السَّبيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>