للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستطرد السهيلي إلى تبيان كيفية تنكير الحال بسبب التشبيه، يقول: "وهذا الذي ذكرناه من التنكير بسبب التشبيه، إنما يكون إذا شبهت الأول باسم مضاف، وكان التشبيه بصفة متعدية إلى المضاف إليه، كقوله: قيد الأوابد، أي: مقيد الأوابد، ولو قلت مررت امرأة القمر على التشبيه لم يجز، لأن الصفة التي وقع بها التشبيه غير متعدية إلى القمر، فهذا شرط في هذه المسألة، ومما يحسن فيه التنكير وهو مضاف إلى معرفة: اتفاق اللفظين، كقوله: له صوت صوت الحمار وزئير زئير الأسد، فإن قلت: فما بال الجماء الغفير، جاز فيها الحال، وليست بمضافة؟ قلنا: لم تقل العرب: جاء القوم البيضة، فيكون مثل ما قدمنا من قولك: مررت بهذا القمر، وإنما قالوا الجماء الغفير بالصفة الجامعة بينها، وبين ما هي حال منه، وتلك الصفة: الجم، وهو الاستواء، والغفر، وهي التغطية، فمعنى الكلام: جاؤوا جيئة مستوية لهم، موعبة لجمعهم، فقوي معنى التشبيه بهذا الوصف، فدخل التنكير لذلك، وحسن النصب على الحال، وهي حال من المجيء" (١) .

وأشار السهيلي مرة أخرى إلى أحكام الحال، مكررا بعض ما سبق، وعارضا للخلاف بين الخليل وسيبويه في مسألة تنكير الحال ووصفها، ومؤيدا لمذهب الخليل في هذه القضية، فقال تعقيبا على قول عباس بن مرداس: (٢)

فإن يهدوا إلى الإسلام يلقوا ... ... أنوف الناس ماسمر السمير

"أنوف الناس: انتصب على الحال، لأنه نكرة لم يعرف بالإضافة، لأنه لم يرد الأنوف بأعيانها، ولكن أشرافا، وهذا كقوله:

* بمنجرد قيد الأوابد *


(١) لروض الأنف، (٤/٦١) .
(٢) لسيرة النبوية لابن هشام، (٤/١٢٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>