للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في التعقيب عليه: " ... إنما قال: الأربعة، وهم خمسة، لأن أباه ربيعة قد كان مات قبل ذلك، لا كما قال بعض الناس: وهو قول يعزى إلى الفراء أنه قال إنما قال أربعة، ولم يقل خمسة من أجل القوافي، فيقال له: لا يجوز للشاعر أن يلحن لإقامة وزن الشعر، فكيف بأن يكذب لإقامة الوزن، وأعجب من هذا أنه استشهد به على تأويل فاسد، تأوله في قوله سبحانه: (ولمن خاف مقام ربه جنتان ((الرحمن: ٤٦) ، وقال: أراد جنة واحدة، وجاء بلفظ التثنية لتتفق رءوس الآي، أو كلاما هذا معناه (١) ، فصمي صمام!، ما أشنع هذا الكلام!، وأبعده عن العلم!، وفهم القرآن!، وأقل هيبة قائله أن يتبوأ مقعده من النار، فحذار منه حذار، ومما يدلك أنهم كانوا أربعة، حين قال لبيد هذه المقالة، أن في الخبر ذكر يتم لبيد وصغر سنه، وأن أعمامه الأربعة استصغروه أن يدخلوه معهم على النعمان حين همهم ما قاولهم به الربيع بن زياد، فسمعهم لبيد يتحدثون بذلك، ويهتمون له، فسألهم أن يدخلوه معهم على النعمان، وزعم أنه سيفحمه، فتهاونوا بقوله، حتى أخبروه بأشياء مذكورة في الخبر، فبان بهذا كله أنهم كانوا أربعة، ولو سكت الجاهل لقل الخلاف والحمد له" (٢) .وهو بهذا الموقف يتفق مع الشيخ عبد القاهر الجرجاني (٣) ، الذي أكد أنه يقف مع قضية الصدق الذي ينصره العقل، حيث قال: "وما كان العقل ناصره، والتحقيق شاهده، فهو العزيز جانبه، والمنيع مناكبه" (٤) .

سادسا: استدراكه على النحويين


(١) ص كلام الفراء كما ورد في معاني القرآن (٣/١١٨) كالتالي: "ذكر المفسرون أنهما بستانان من بساتين الجنة، وقد يكون في العربية جنة تثنيها العرب في أشعارها... وذلك أن الشعر له قواف يقيمها الزيادة والنقصان، فيحتمل ما لا يحتمله الكلام".
(٢) لروض الأنف، (٣/٢٣٨-٢٣٩) .
(٣) نظر: أسرار البلاغة، بتحقيق هـ. ريتر، ص (٢٤١-٢٤٥) .
(٤) لمصدر السابق، ص (٢٥١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>